وأقول :
لا ريب في عصمة الأنبياء عن السهو في العبادة لأمور :
* الأوّل : قوله تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ) (١) ، فإنّه سبحانه جعل السهو صفة نقص ودخيلا في استحقاق الويل ، بلا فرق بين ما يوجب ترك أصل الصلاة أو أجزائها ؛ لأنّهما معا ناشئان من السهو عنها ، فكيف يكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الساهين؟! بل لو سها كان أولى الناس بالويل ، اللهمّ إلّا أن تخصّ الآية بالسهو عن أصل الصلاة ، ولكنّهم رووا أيضا سهوه عن أصلها كما ستعرف!
* الثاني : إنّه لو سها دخل باللوم في قوله تعالى : ( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ) (٢) ، وقوله تعالى : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) (٣) .. فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هو القائل : « ركعتان مقتصدتان خير من قيام ليلة والقلب ساه » (٤) ..
وهو القائل : « من توضّأ فأسبغ الوضوء ، ثمّ قام يصلّي صلاة يعلم ما يقول فيها حتّى يفرغ من صلاته ، كان كهيئة يوم ولدته أمّه » (٥) ..
__________________
(١) سورة الماعون ١٠٧ : ٤ و ٥.
(٢) سورة الصفّ ٦١ : ٢.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٤٤.
(٤) الزهد ـ لابن المبارك ـ : ١١٨ ح ٢٨٨ وص ٣٢٩ ح ١١٤٧ ، العظمة ـ لأبي الشيخ الأصبهاني ـ : ٣٣ ح ٤٥ ، إحياء علوم الدين ١ / ٢٠١ ، تفسير ابن كثير ١ / ٤١٤.
(٥) المصنّف ـ لعبد الرزّاق ـ ١ / ٤٦ ح ١٤٢ ، المعجم الكبير ١٧ / ٣٣٩ ح ٩٣٧ نحوه ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤٣٣ ح ٣٥٠٨ وصحّحه وأقرّه الذهبي.