وقال سعد : يا رسول الله ، لئن أخذه السيف ليسلمنهم ، وليهربن إلى بلاده ، كما فعل ذلك قبل اليوم في الخندق.
فأمر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أصحابه : أن يوجهوا إلى حصنهم الذي في غطفان ، وذلك عشية وهم في حصن ناعم ، فنادى منادي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن أصبحوا على راياتكم عند حصن ناعم الذي فيه غطفان.
قال : فرعبوا من ذلك يومهم وليلتهم ، فلما كان بعد هذه من تلك الليلة سمعوا صائحا يصيح ، لا يدرون من السماء أو الأرض : يا معشر غطفان ، أهلكم أهلكم!! الغوث ، الغوث بحيفاء ـ صيح ثلاثة ـ لا تربة ولا مال!
قال : فخرجت غطفان على الصعب والذلول ، وكان أمرا صنعه الله لنبيه.
فلما أصبحوا أخبر كنانة ابن أبي الحقيق ـ وهو في الكتيبة ـ بانصرافهم ، فسقط في يديه (١).
ونقول :
١ ـ إن قبيلة غطفان أصرت على أن تنصر اليهود ، لأمرين ، هما : أنهم جيرانهم. وأنهم حلفاؤهم.
والإستجابة لنداء الجيرة والحلف ليس بأولى من الاستجابة لما يوجبه العقل ، وتفرضه الفطرة ، فإن غطفان كانت على الشرك الذي هو ظلم عظيم ، وتأباه العقول ، وتنفر منه الفطرة ..
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٥٠ و ٦٥١.