قتالا إلا وجبريل معهم ، يتحنن الله إليهم كتحنن الطير على أفراخه.
ثم قال لى : إذا سمعت به فاخرج إليه وآمن به وصدق به. فكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يحب أن يسمع أصحابه حديثه ، فأتاه يوما فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يا نعمان حدثنا» ، فابتدأ النعمان الحديث من أوله فرأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتبسم ، ثم قال : «أشهد أنى رسول الله» (١) ، ويقال : إن النعمان هذا هو الذي قتله الأسود العنسى وقطعه عضوا عضو وهو يقول : أشهد أن محمدا رسول الله ، وأنك كذاب مفتر على الله عزوجل. ثم حرقه بالنار.
ذكر المبعث
قال ابن إسحاق (٢) : فلما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أربعين سنة بعثه الله رحمة للعالمين وكافة للناس. وكان الله قد أخذ له الميثاق على كل نبى بعثه قبله بالإيمان به والتصديق له والنصر على من خالفه ، وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم ، فأدوا من ذلك ما كان عليهم من الحق.
فيه يقول الله تعالى لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) أى ثقل ما حملتكم من عهدى (قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) [آل عمران : ٨١]. فأخذ الله ميثاق النبيين جميعا بالتصديق له والنصر وأدوا ذلك إلى من آمن بهم وصدقهم من أهل هذين الكتابين.
وعن عائشة رضى الله عنها ، أن أول ما ابتدئ به رسول الله صلىاللهعليهوسلم من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به ، الرؤيا الصادقة ، لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح ، وحبب الله إليه الخلوة ، فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده (٣).
__________________
(١) أخرجه البخاري (٤ / ٨٨ ، ٧ / ١٠٣) ، مسلم كتاب الإيمان (١٧٨) ، البيهقي فى الدلائل (١ / ١٤٢) ، السيوطى فى الدر المنثور (١ / ٢٧٣) ، ابن كثير فى البداية (٦ / ١٩٠) ، العجلونى فى كشفا الخفاء (١ / ١٤٢) ، أبو نعيم فى الدلائل (١٦٥).
(٢) انظر : السيرة (١ / ١٩٩).
(٣) انظر الحديث فى : البخاري فى صحيحه كتاب بدء الوحى (١ / ٢٢) ، صحيح مسلم كتاب الإيمان (١ / ٢٥٢) ، مسند الإمام أحمد (٦ / ١٥٣ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣). مستدرك الحاكم (٣ / ١٨٣ ، ١٨٤).