الشرف فيكم ولا الملك عليكم ، ولكن الله بعثنى إليكم رسولا وأنزل على كتابا ، وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا ، فبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم ، فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة ، وإن تردوه على أصبر لحكم الله حتى يحكم الله بينى وبينكم». أو كما قال صلىاللهعليهوسلم ، قالوا : يا محمد ، فإن كنت غير قابل شيئا مما عرضنا عليك فإنك قد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا ، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، وليبسط لنا بلادنا وليخرق فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق ، وليبعث لنا من مضى من آبائنا ، وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصى بن كلاب ، فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول : أحق هو أم باطل ، فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك من الله وأنه بعثك رسولا إلينا كما تقول.
فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما بهذا بعثت إليكم ، إنما جئتكم من الله بما بعثنى به ، وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم ، فإن تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة ، وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم» ، قالوا : فإذا لم تفعل هذا لنا فخذ لنفسك ، سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك ، وسله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغى ، فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه ، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أنا بفاعل وما أنا بالذى يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ، ولكن الله بعثنى بشيرا ونذيرا». أو كما قال : «فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة ، وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم».
قالوا : فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ، فإنا لا نؤمن بك إلا أن تفعل. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ذلك إلى الله إن شاء أن يفعله بكم فعل». قالوا : يا محمد ، فما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب ، فيتقدم إليك فيعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ما هو صانع فى ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به؟ إنه بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له : الرحمن ، وإنا والله ما نؤمن بالرحمن أبدا ، فقد أعذرنا إليك يا محمد ، وإنا والله لا نتركك ، وما بلغت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا.
وقال قائلهم : نحن نعبد الملائكة وهى بنات الله. وقال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا.