قومهم منذرين ، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا ، فقص الله خبرهم عليه صلىاللهعليهوسلم (١) ، قال عز من قائل : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [الأحقاف : ٢٩ ، ٣١].
ذكر عرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم نفسه
على قبائل العرب
قال ابن إسحاق (٢) : ثم قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه ، إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به.
فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعرض نفسه فى المواسم إذا كانت على قبائل العرب ، يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبى مرسل ، ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين عن الله ما بعثه به(٣).
قال ربيعة بن عباد الدؤلى : إنى لغلام شاب مع أبى بمنى ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يقف على منازل القبائل من العرب فيقول : يا بنى فلان إنى رسول الله إليكم يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد ، وأن تؤمنوا بى وتصدقونى وتمنعونى حتى أبين عن الله ما بعثنى به ، وخلفه رجل أحول وضيء له غديرتان ، عليه حلة عدنية ، فإذا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قوله ، وما دعا إليه قال ذلك الرجل : يا بنى فلان إن هذا يدعوكم إلى أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم ، وحلفاءكم من الجن من بنى مالك بن أقيش إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه.
قال ربيعة : فقلت لأبى : من هذا الرجل الذي يتبعه يرد عليه ما قال؟ قال : هذا عمه
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٤ / ٢٤٠) ، سنن الترمذى (٣٣٧٩).
(٢) انظر : السيرة (٢ / ٣٣).
(٣) انظر الحديث فى : الكامل فى التاريخ لابن الأثير (٢ / ٩٣) ، عيون الأثر لابن سيد الناس (٢ / ٢٥٧).