يطيف به العافون يغشون بابه |
|
يؤمون بهرا لا نزورا ولا صربا |
فو الله لا تنفك نفسى حزينة |
|
تململ حتى تصدقوا الخزرج الضربا |
وكانت وقعة بدر يوم الجمعة ، لسبع عشرة من شهر رمضان ، وكان فراغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم منها فى عقبة أو فى شوال بعده.
فلما قدم المدينة لم يقم بها إلا سبع ليال حتى غزا بنفسه يريد بنى سليم ، فبلغ ماء من مياههم يقال له : الكدر (١) ، فأقام عليه ثلاث ليال ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا ، فأقام بها بقية شوال وذا القعدة وأفدى فى إقامته تلك جل الأسارى من قريش (٢).
وكان أبو سفيان بن حرب حين رجع فل قريش من بدر نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فخرج فى مائتى راكب من قريش لتبر يمينه ، فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة ، على بريد أو نحوه من المدينة ، ثم خرج من الليل حتى أتى بنى النضير تحت الليل ، فأتى حيى بن أخطب فضرب عليه بابه ، فأبى أن يفتح له وخافه ، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم ، وكان سيد بنى النضير فى زمانه ذلك وصاحب كنزهم ، فاستأذن عليه فأذن له فقراه وسقاه وبطن له من خبر الناس ، ثم خرج فى عقب ليلته حتى أتى أصحابه ، فبعث رجالا منهم ، فأتوا ناحية العريض فحرقوا بها أصوار نخل وقتلوا رجلا من الأنصار وحليفا له فى حرث لهما ، ثم انصرفوا راجعين ، ونذر بهم الناس ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى طلبهم حتى بلغ قرقرة الكدر ، ثم انصرف وقد فاته أبو سفيان بن حرب وأصحابه ، وطرحوا من أزوادهم يتخففون منها للنجاء ، وكان أكثر ما طرحوه السويق ، فهجم المسلمون على سويق كثير ، فسميت غزوة السويق ، فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول ، أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ قال : «نعم» (٣).
ثم غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم نجدا يريد غطفان ، وهى غزوة ذى أمر ، فأقام بنجد ثم رجع ولم يلق كيدا.
__________________
(١) وهذه الغزوة تعرف بغزوة : قرقرة الكدر ، كما فى الطبقات الكبرى (٢ / ٣١) ، أو : قرارة الكدر ، كما فى المغازى للواقدى (١ / ١٩٦). وتراجع هذه الغزوة فى : البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ٣٤٤) ، المنتظم لابن الجوزى (٣ / ١٥٦).
(٢) انظر السيرة (٣ / ٥).
(٣) انظر الحديث فى : الدلائل للبيهقى (٣ / ١٦٦) ، التاريخ للطبرى (٢ / ٥٠) ، الكامل فى التاريخ (٢ / ٣٩ ، ٤٠).