وجعلت أحب النظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلى أن رأيته خارجا من باب بنى شيبة يريد منزله بالأبطح ، فأردت أن آتيه وآخذ بيده وأسلم عليه فلم يعزم لى على ذلك ، وانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم راجعا إلى المدينة ، ثم عزم لى على الخروج إليه ، فأدلجت إلى بطن يأجج فألقى خالد بن الوليد ، فاصطحبنا حتى نزلنا الهدة فما شعرنا إلا بعمرو بن العاص فانقمعنا عنه وانقمع منا ، ثم قال : أين يريد الرجلان؟ فأخبرناه فقال : وأنا أريد الذي تريدان.
فاصطحبنا جميعا حتى قدمنا المدينة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبايعته على الإسلام وأقمت حتى خرجت معه فى غزوة الفتح ودخل مكة ، فقال لى : «يا عثمان ، ايت بالمفتاح» ، فأتيته به فأخذه منى ثم دفعه إلى وقال : «خذوها تالدة خالدة ولا ينزعها منكم إلا ظالم ، يا عثمان ، إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف» (١).
قال عثمان : فلما وليت نادانى فرجعت إليه فقال : «ألم يكن الذي قلت لك؟» فذكرت قوله لى قبل الهجرة بمكة : «لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدى أضعه حيث شئت» ، فقلت بلى ، أشهد أنك رسول الله!
قال الواقدى : فهذا أثبت الوجوه فى إسلام عثمان.
غزوة بنى لحيان (٢)
وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم على رأس ستة أشهر من فتح بنى قريظة إلى لحيان يطلبهم بأصحاب الرجيع ـ خبيب وأصحابه ـ وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرة.
فلما انتهى إلى منازلهم بغران وهو واد بين أمج وعسفان وجدهم قد حذروا وتمنعوا فى رءوس الجبال. فلما أخطأه من غرتهم ما أراد قال : لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة. فخرج فى مائتى راكب من أصحابه حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم ثم كرا وراح رسول الله صلىاللهعليهوسلم قافلا.
__________________
(١) انظر الحديث فى : المعجم الكبير للطبرانى (١١ / ١٢٠) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٣ / ٢٨٥) ، الدر المنثور (٢ / ١٧٥) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٣٤٧٦٦).
(٢) راجع هذه الغزوة فى : طبقات ابن سعد (٢ / ١ / ٥٦) ، المغازى للواقدى (٢ / ٥٣٥) ، تاريخ الطبرى (٢ / ٥٩٥) ، البداية والنهاية (٤ / ٨١).