حتى يطوف به رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فاحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل ، فقال حين بلغه ذلك : «لا نبرح حتى نناجز القوم» (١).
ودعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس إلى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، فكان الناس يقولون : بايعهم على الموت. وكان جابر يقول : بايعنا على أن لا نفرّ.
فبايع رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس ولم يختلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس لصق بإبط ناقته يستتر بها من الناس.
ثم أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن الذي كان من أمر عثمان باطل. وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بايع لعثمان : ضرب بإحدى يديه على الأخرى وقال : «هذه يد عثمان».
ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو وقالوا : ايت محمدا فصالحه ولا يكون فى صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا ، فو الله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا.
فأتى سهيل ، فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقبلا قال : «قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل» (٢).
فلما انتهى إليه سهيل تكلم فأطال الكلام وتراجعا ، ثم جرى بينهما الصلح.
فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ، أليس برسول الله؟ قال : بلى. قال : أولسنا بالمسلمين؟ قال : بلى. قال : أوليسوا بالمشركين؟ قال : بلى. قال : فعلام نعطى الدنية (٣) فى ديننا! قال أبو بكر : يا عمر ، الزم غرزه فإنى أشهد أنه رسول الله. قال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله.
ثم أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، ألست برسول الله؟ قال : «بلى». قال :أولسنا بالمسلمين؟ قال : «بلى». قال : أو ليسوا بالمشركين؟ قال : «بلى» (٤). قال : فعلام
__________________
(١) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٦٧).
(٢) انظر الحديث فى : السنن الكبرى للبيهقى (٩ / ٢٢١) ، دلائل النبوة للبيهقى (٤ / ١٤٥).
(٣) الدنية : الذل والصغار والخسيس من الأمر.
(٤) انظر الحديث فى : صحيح مسلم (١٤١٢ ، ٢١٥١) ، السلسلة الصحيحة للألبانى (٣١٣) ، صحيح البخاري (٤ / ٢٦ ، ١٢٥) ، المعجم الكبير للطبرانى (٦ / ١٠٩ ، ٨ / ٢٧٥) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٣ / ٣١٢ ، ٥ / ٦٧) ، كنز العمال للمتقى الهندى (١٧٩٠٥ ، ٢٩٩٩٣ ، ٣٠١٥٤ ، ٣٧١٥٥) ، فتح البارى لا بن حجر (٧ / ٨) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (١ / ١ / ٢٠).