ولما أعرس بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخيبر أو ببعض الطريق وبات بها فى قبة له ، بات أبو أيوب الأنصاري متوشحا السيف يحرسه ويطيف بالقبة حتى أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رأى مكانه قال : «ما لك يا أبا أيوب؟» قال : يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة ، وكانت امرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها وكانت حديثة عهد بكفر فخفتها عليك. فزعموا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظنى»(١).
وأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بكنانة بن الربيع ـ وكان عنده كنز بنى النضير ـ فساله عنه فجحد أن يكون يعلم مكانه ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم برجل من يهود فقال : إنى رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لكنانة : أرأيت إن وجدناه عندك أقتلك؟ قال : نعم. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ثم سأله ما بقى فأبى أن يريه ، فأمر به الزبير بن العوام فقال : عذبه حتى تستأصل ما عنده. فكان الزبير يقدح بزند فى صدره حتى أشرف على نفسه ثم دفعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة.
وفشت السبايا من خيبر فى المسلمين وأكل المسلمون لحوم الحمر من حمرها.
قال ابن عقبة : كانت أرضا وخيمة شديدة الجهد ، فجهد المسلمون جهدا شديدا وأصابهم مسغبة شديدة فوجدوا أحمرة إنسية ليهود لم يكونوا أدخلوها الحصن فانتحروها ، ثم وجدوا فى أنفسهم من ذلك ، فذكروها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فنهاهم عن أكلها.
قال أبو سليط فيما ذكر ابن إسحاق : أتانا نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أكل لحوم الحمر الإنسية والقدور تفور بها فكفأناها على وجوهها.
وذكر ـ أيضا ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام ـ يومئذ ـ فى الناس فنهاهم عن أمور سماها لهم ، قال مكحول : نهاهم ـ يومئذ ـ عن أربع : عن إتيان الحبالى من النساء ، وعن أكل الحمار الأهلى ، وعن أكل كل ذى ناب من السباع ، وعن بيع المغانم حتى تقسم.
وحدث جابر بن عبد الله ولم يشهد خيبر : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين نهى الناس عن أكل لحوم الحمر أذن لهم فى لحوم الخيل.
__________________
(١) انظر الحديث فى : كنز العمال للمتقى الهندى (٣٧٨٠٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٢١٢).