وافتتح رويفع بن ثابت قرية من قرى المغرب يقال لها : جربه ، فقال خطيبا فقال : يا أيها الناس ، إنى لا أقول لكم إلا ما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول فينا يوم خيبر ، قام فينا فقال : «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أ، يصيب امرأة من السبى حتى يستبرئها ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه» (١).
وقال عبادة بن الصامت : نهانا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم خيبر أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين ، وتبر الفضة بالورق العين ، وقال : «ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين ، وتبر الفضة بالذهب العين».
ولما أصاب المسلمين بخيبر ما أصابهم من الجهد أتى بنو سهم من أسلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقالوا : يا رسول الله ، لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء. فلم يجدوا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا يعطيهم إياه ، فقال : «اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليست بهم قوة وأن ليس بيدى شيء أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء وأكثرها طعاما وودكا» (٢). فغدا الناس وفتح الله عليهم حصن الصعب بن معاذ ، وما بخيبر كان أكثر طعاما وودكا منه.
ولما افتتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حصونهم ما افتتح وحاز من الأموال ما حاز انتهوا إلى حصنيهم «الوطيح» و «السلالم» وكانا آخر حصون أهل خيبر افتتاحا ، فحاصرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بضع عشرة ليلة ، وخرج مرحب اليهودى من حصنهم قد جمع سلاحه وهو ينادى : من يبارز ، ويرتجز :
قد علمت خيبر أنى مرحب |
|
شاكى السلاح بطل مجرب |
أطعن أحيانا وحينا أضرب |
|
إذا الليوث أقبلت تحرب |
إن حماى للحمى لا يقرب |
__________________
(١) انظر الحديث فى : سنن أبى داود (٢١٥٨ ، ٢١٥٩) ، مسند الإمام أحمد (٤ / ١٠٨ ، ٦ / ٣٨٥) ، إرواء الغليل للألبانى (١ / ٢٠١) ، شرح السنة للبغوى (٩ / ٣٢١) ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٤ / ٣٠) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٩٢) ، السنن الكبرى للبيهقى (٩ / ١٢٤).
(٢) انظر الحديث فى : دلائل النبوة للبيهقى (٤ / ٢٢٣).