قال : فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مات شهيدا مع ما أكرمه الله من النبوة.
ولما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من خيبر انصرف إلى وادى القرى فحاصر أهله ليالى ثم انصرف راجعا إلى المدينة.
قال أبو هريرة : لما انصرفنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن خيبر إلى وادى القرى نزلناها أصلا مع مغرب الشمس ، ومع رسول الله صلىاللهعليهوسلم غلام أهداه له رفاعة بن زيد الجذاميّ ثم الضبيبى ، فو الله إنه ليضع رحل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ أتاه سهم غرب فأصابه فقتله ، فقلنا : هنيئا له الجنة. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلا والذي نفس محمد بيده ، إن شملته ـ الآن ـ لتحرق عليه فى النار ، كان غلها من فيء المسلمين يوم خيبر» (١). فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأتاه فقال له : يا رسول الله ، أصبت شراكين لنعلين لى. فقال : «يقد لك مثلهما من النار» (٢).
وخرج مسلم فى صحيحه من حديث عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال : لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالوا : فلان شهيد وفلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا : فلان شهيد. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كلا ، إنى رأيته فى النار فى بردة غلها أو عباءة». ثم قال : «يا بن الخطاب ، أذهب فناد فى الناس : إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون» (٣). قال : فخرجت فناديت : ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.
وشهد خيبر مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نساء من نساء المسلمات ، فرضخ لهن عليهالسلام من الفيء ، ولم يضرب لهن بسهم. حدثت بنت [أبى] الصلت عن امرأة غفارية سمتها قالت : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى نسوة من بنى غفار وهو يسير إلى خيبر : فقلن يا رسول الله ، قد أردنا الخروج معك إلى وجهك هذا فنداوى الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا. فقال : «على بركة الله» (٤). قالت : فخرجنا معه ، فلما افتتح خيبر رضح لنا من
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٨ / ١٧٩) ، صحيح مسلم فى كتاب الإيمان باب (٤٨) ، رقم (١٨٣) ، السنن الكبرى للبيهقى (٩ / ١٠٠) ، مستدرك الحاكم (٣ / ٤٠) ، التمهيد لابن عبد البر (٢ / ٣).
(٢) انظر الحديث فى : مستدرك الحاكم (٣ / ٤٠).
(٣) انظر الحديث فى : صحيح مسلم ، الجامع الصحيح (١ / ٧٥) ، كتاب الإيمان ، باب غلظ تحريم الغلول.
(٤) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٦ / ٣٨٠) ، السنن الكبرى للبيهقى (٢ / ٤٠٧) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٨ / ٢١٤) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٢٠٤).