قال ابن إسحاق (١) : وكانت المقاسم على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة ، وكانت الشق ونطاة فى سهمان المسلمين ، وكانت الكتيبة خمس الله وسهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم وسهم ذوى القربى والمساكين وطعم أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم وطعم رجال مشوا بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين أهل فدك بالصلح.
وقسمت خيبر على أهل الحديبية من شهد خيبر ، ومن غاب عنها ، ولم يغب عنها إلا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام ، فقسم له رسول الله صلىاللهعليهوسلم كسهم من حضرها. وفى هذه الغزوة بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم سهمان الخيل والرجال ، فجعل للفرس سهمين ولفارسه سهما وللراجل سهما ، فجرت المقاسم على ذلك فيما بعد ، ويومئذ عرب العربى من الخيل وهجن الهجين.
وذكر ابن عقبة أنه قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخيبر نفر من الأشعريين فيهم أبو عامر الأشعرى ، قدموا المدينة مع مهاجرة الحبشة ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بخيبر ، فمضوا إليه وفيهم أبان بن سعيد بن العاص والطفيل ـ يعنى ابن عمرو الدوسى ذا النور ـ وأبو هريرة ونفر من دوس ، فرأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورأيه الحق أن لا يخيب مسيرهم ولا يبطل سفرهم فشركهم فى مقاسم خيبر وسأل أصحابه ذلك فطابوا به نفسا.
ولم يذكر ابن عقبة جعفر بن أبى طالب فى هؤلاء القادمين على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخيبر من أرض الحبشة وهو أولهم وأفضلهم ، وما مثل جعفر يتخطى ذكره ، ومن البعيد أن يغيب ذلك عن ابن عقبة ، فالله أعلم بعذره.
وقد ذكر ابن إسحاق : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان بعث مرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى فيمن كان أقام بأرض الحبشة من أصحابه فحملهم فى سفينتين فقدم بهم عليه وهو بخيبر بعد الحديبية. فذكر جعفرا أولهم وذكر معه ستة عشر رجلا قدموا فى السفينتين صحبته. وذكر ابن هشام عن الشعبى أن جعفرا قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم فتح خيبر فقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما بين عينيه والتزمه وقال : «ما أدرى بأيتهما أنا أسر ، أبفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟» (٢).
ولما جرت المقاسم فى أموال خيبر اتسع فيها المسلمون ووجدوا بها مرفقا لم يكونوا
__________________
(١) انظر السيرة (٣ / ٣٢٤).
(٢) انظر الحديث فى : مصنف ابن أبى شيبة (١٢ / ١٠٦ ، ١٤ / ٣٤٩) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٢ / ١ / ٧٨) ، المعجم الكبير للطبرانى (٢ / ١٠٧) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٢٠٦).