وذكر ابن هشام أنها يقال لها : «عمرة القصاص» لأنهم صدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن العمرة فى ذى القعدة فى الشهر الحرام من سنة ست فاقتص منهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودخل مكة فى ذى القعدة فى الشهر الحرام الذي صدوة فيه من سنة سبع.
غزوة مؤتة من أرض الشام (١)
ولما صدر رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عمرة القضاء إلى المدينة أقام بها نحوا من ستة أشهر ، ثم بعث إلى الشام فى جمادة الأولى من سنة ثمان بعثة الذين أصيبوا بمؤنة ، واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال : «إن أصيب زيد فجعفر بن أبى طالب على الناس ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة».
فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج ، وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسلموا عليهم ، فلما ودع عبد الله بن رواحة بكى فقالوا : ما يبكيك يا بن رواحة؟ فقال : والله ما بى حب الدنيا ولا صبابة بكم ، ولكني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ آية من كتاب الله ويذكر فيها النار : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) [مريم : ٧١] فلست أدرى كيف لى بالصدر بعد الورود! فقال المسلمون : صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين. فقال عبد الله بن رواحة :
لكنى أسأل الرحمن مغفرة |
|
وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا |
أو طعنة بيدى حران مجهزة |
|
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا |
جتى يقال إذا مروا على جدثى |
|
ما أرشد الله من غاز وقد رشدا |
ثم إن القوم تهيئوا للخروج فأتى عبد الله بن رواحة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فودعه ثم قال :
أنت الرسول فمن يحرم نوافله |
|
والوجه منه فقد أزرى به القدر |
فثبت الله ما آتاك من حسن |
|
فى المرسلين ونصرا كالذى نصروا |
إنى تفرست فيك الخير نافلة |
|
فراسة خالفت فيك الذي نظروا |
يعنى المشركين.
ثم خرج القوم ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشيعهم ، جتى إذا ودعهم وانصرف عنهم
__________________
(١) راجع هذه الغزوة فى : المنتظم لابن الجوزى (٣ / ٣١٨) ، المغازى للواقدى (٢ / ٧٥٥) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (١ / ٢ / ٩٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٢٤١).