«أما والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة والأقرع ولكنى تألفتهما ليسلما ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه» (١).
وجاء رجل من بنى تميم يقال له : ذو الخويصرة فوقف على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يعطى الناس فقال : يا محمد ، قد رأيت ما صنعت فى هذا اليوم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أجل ، فكيف رأيت؟» قال : لم أرك عدلت. فغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «ويحك! إذا لم يكن العدل عندى فعند من يكون؟» فقال عمر بن الخطاب : ألا نقتله؟ فقال : «لا ، دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون فى الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ، ينظر فى النصل فلا يوجد شيء ، ثم فى القدح فلا يوجد شيء ، ثم فى الفوق فلا يوجد شيء ، سبق الفرث والدم» (٢).
ولما أعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أعطى فى قريش وفى قبائل العرب ولم يعط الأنصار شيئا ، وجدوا فى أنفسهم حتى كثرت منهم القالة وحتى قال قائلهم : لقى والله رسول الله صلىاللهعليهوسلم قومه.
وذكر ابن هشام (٣) أن حسان بن ثابت قال يعاتبه فى ذلك :
زاد الهموم فماء العين منحدر |
|
سحا إذا حفلته عبرة درر |
وجدا بشماء إذ شماء بهكنة |
|
هيفاء لا ذنن فيها ولا خور |
دع عنك شماء إذ كانت مودتها |
|
نزرا وشر وصال الواصل النزر |
وائت الرسول فقل يا خير مؤتمن |
|
للمؤمنين إذا ما عدد البشر |
علام تدعى سليم وهى نازحة |
|
قدام قوم هم آووا وهم نصروا |
سماهم الله أنصارا ينصرهم |
|
دين الهدى وعوان الحرب تستعر |
وسارعوا فى سبيل الله واعترفوا |
|
للنائبات وما خافوا وما ضجروا |
والناس إلب علينا فيك ليس لنا |
|
إلا السيوف وأطراف القنا وزر |
نجالد الناس لا نبقى على أحد |
|
ولا نضيع ما توحى به السور |
ولا تهز جناة الحرب نادينا |
|
ونحن حين تلظى نارها سعر |
كما رددنا ببدر دون ما طلبوا |
|
أهل النفاق وفينا ينزل الظفر |
__________________
(١) انظر الحديث فى : الطبقات الكبرى لابن سعد (٤ / ٢٤٦) ، حلية الأولياء لأبى نعيم (١ / ٣٥٣).
(٢) انظر الحديث فى : صحيح مسلم (٢ / ٧٤٤ ، ٧٤٥ ، ١٤٨) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦ / ٢٨٨).
(٣) انظر الأبيات فى : السيرة (٤ / ١٢٦).