ونحن جندك يوم النعف من أحد |
|
إذ حزبت بطرا احزابها مضر |
فما ونينا ولا خمنا وما خبروا |
|
منا عثارا وكل الناس قد عثروا |
فدخل سعد بن عبادة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، إن هذا الحى من الأنصار قد وجدوا عليك لما صنعت فى هذا الفيء الذي أصبت ، قسمت فى قومك وأعطيت عطايا عظاما فى قبائل العرب ولم يك فى هذا الحى من الأنصار منها شيء. قال : «فأين أنت من ذلك يا سعد؟» قال : يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومى. قال :«فاجمع لى قومك فى هذه الحظيرة» ، فخرج سعد فجمع الأنصار فى تلك الحظيرة ، فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم ، فلما اجتمعوا له أعلمه سعد بهم فأتاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : «يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتنى عنكم وجدة وجدتموها على فى أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟» قالوا : بل الله ورسوله أمن وأفضل ، ثم قال : «ألا تجيبوننى يا معشر الأنصار؟» قالوا : بما ذا نجيبك يا رسول الله ، لله ولرسوله المن والفضل ، فقال صلوات الله عليه : «أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم فى لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى رحالكم ، فو الذي نفس محمد بيده لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار ، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار» ، فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا : رضينا برسول الله صلىاللهعليهوسلم قسما وحظا. ثم انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتفرقوا (١).
ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الجعرانة معتمرا ، وأمر ببقايا الفيء فحبس بمجنة بناحية مر الظهران ، فلما فرغ من عمرته انصرف راجعا إلى المدينة واستخلف عتاب بن أسيد على مكة وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس فى الدين ويعلمهم القرآن ، وأتبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببقايا الفيء (٢).
ولما استعمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عتابا على مكة رزقه فى كل يوم درهما ، فقام عتاب
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح مسلم (٢ / ٧٣٥ ، ٧٣٦ ، ١٣٥) ، صحيح البخاري (٧ / ٤٣٣٧) ، مسند الإمام أحمد (٣ / ٧٦ ، ٧٧) ، مجمع الزوائد للهيثمى (١٠ / ٢٩).
(٢) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٤ / ٣٦٨) ، الحاكم فى المستدرك (٣ / ٣٧٠).