المغيرة مالها ذكر أبا سفيان بذلك فقضى منه عنهما (١).
هكذا ذكر ابن إسحاق إسلام أهل الطائف بعقب غزوة تبوك فى رمضان من سنة تسع قبل حج أبى بكر بالناس آخر تلك السنة. وجعل ابن عقبة قدوم عروة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومقتله فى قومه وإسلام ثقيف كل ذلك بعد صدر أبى بكر عن حجه. وبين حديثه وحديث ابن إسحاق بعض اختلاف ، رأيت ذكر حديث ابن عقبة وإن كان أكثره معادا لأجل ذلك الاختلاف ، ثم أذكر بعده حجة أبى بكر فى الموضع الذي ذكرها فيه ابن إسحاق.
قال موسى بن عقبة : فلما صدر أبو بكر من حجه بالناس قدم عروة بن مسعود الثقفى على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأسلم ثم استأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الرجوع إلى قومه فقال له : إنى أخاف ان يقتلوك ، قال : لو وجدونى نائما ما أيقظونى. فأذن له فرجع إلى الطائف وقدمها عشاء فجاءته ثقيف يسلمون عليه فدعاهم إلى الإسلام ونصح لهم فاتهموه وأعضوه وأسمعوه من الأذى ما لم يكن يخشاه منهم فخرجوا من عنده حتى إذا أسحر وسطع الفجر قام على غرفة فى داره فأذن بالصلاة وتشهد ، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما بلغه قتله : «مثل عروة مثل صاحب ياسين ، دعا قومه إلى الله ، فقتلوه» (٢).
وأقبل بعد قتله وفد من ثقيف بضعة عشر رجلا هم أشراف ثقيف ، فيهم كنانة بن عبد ياليل وهو رأسهم يومئذ ، وفيهم عثمان بن أبى العاص وهو أصغر القوم حتى قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة يريدون الصلح حين رأوا أن قد فتحت مكة وأسلم عامة العرب ، فقال المغيرة بن شعبة : يا رسول الله ، أنزل على قومى أكرمهم بذلك فإنى حديث الجرم فيهم. قال : لا أمنعك أن تكرم قومك ولكن تنزلهم حيث يسمعون القرآن. فأنزلهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى المسجد وبنى لهم خياما لكى يسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا خطب لم يذكر نفسه ، فلما سمعه وفد ثقيف قالوا : يأمرنا ان نشهد أنه رسول الله ولا يشهد به فى خطبته! فلما بلغه قولهم قال : «فإنى أول
__________________
(١) انظر الحديث فى : الطبقات الكبرى لابن سعد (٥ / ٥٠٤ ، ٥٠٥).
(٢) انظر الحديث فى : مستدرك الحاكم (٣ / ٦١٥) ، طبقات ابن سعد (٥ / ٣٧٠) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٩ / ٣٨٦) ، المعجم الكبير للطبرانى (١٧ / ١٤٨) ، الدر المنثور للسيوطى (٥ / ٢٦٢) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٣٣٦١٥).