فضرب به ثم أخذ يرتكض فارتج أهل الطائف بصيحة واحدة وقالوا : أبعد الله المغيرة قد قتلته الربة! وفرحوا حين رأوه ساقطا وقالوا : من شاء منكم فليقترب ويجهد على هدمها فو الله لا تستطاع أبدا. فوثب المغيرة فقال : قبحكم الله يا معشر ثقيف! إنما هى لكاع حجارة ومدر! ثم ضرب الباب فكسره ثم علا على سورها وعلا الرجال معه ، فما زالوا يهدمونها حجرا حجرا حتى سووها بالأرض وجعل صاحب المفاتيح يقول : ليغضبن الأساس فليخسفن بهم. فلما سمع ذلك المغيرة قال لخالد : دعنى أحفر أساسها. فحفروها حتى أخرجوا ترابها وأخذوا حليها وثيابها. فبهتت ثقيف.
وانصرف الوفد إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحليتها وكسوتها فقسمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من يومه وحمد الله على نصر نبيه وإعزاز دينه.
ذكر حج أبى بكر الصديق
رضى الله عنه بالناس سنة تسع وتوجيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم
على بن أبى طالب بعده بسورة براءة
وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا بكر أميرا على الحج من سنة تسع ليقيم للمسلمين حجهم ، ونزلت بعد بعثه إياه «براءة» فى نقض ما بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم : أن لا يصد عن البيت أحد جاءه ، ولا يخاف على أحد فى الشهر الحرام ، وكان ذلك عهدا عاما بينه وبين أهل الشرك ، وكان بين ذلك عهود خصائص بينه وبين قبائل العرب إلى آجال مسماة فنزلت فيه وفيمن تخلف من المنافقين عن تبوك وفى قول من قال منهم فكشف الله سرائر قوم كانوا يستخفون بغير ما يظهرون (١).
فقيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو بعثت بها إلى أبى بكر؟ فقال : «لا يؤدى عنى إلا رجل من أهل بيتى» ، ثم دعا على بن أبى طالب فقال : «اخرج بهذه القصة من صدر براءة وأذن فى الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى : أنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك
__________________
ـ (٣ / ٤٦١) ، المعين من طبقات المحدثين (١٢٤) ، العبر (١ / ٥٦) ، مرآة الجنان (١ / ١٢٤) ، سير أعلام النبلاء (٣ / ٢١) ، تقريب التهذيب (٢ / ٢٦٩) ، خلاصة تذهيب التهذيب (٣٢٩) ، شذرات الذهب (١ / ٥٦) ، العقد الثمين (٧ / ٢٥٥).
(١) انظر : السيرة (٤ / ١٧٠).