السماء انتشرت ، ثم أمطرت ، فو الله ما رأوا الشمس سبعا ، وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره ، لئلا يخرج التمر منه ، فجاء ذلك الرجل أو غيره فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فصعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم المنبر ، فدعا ورفع يديه مدا ، حتى رؤى بياض إبطيه ، ثم قال : «اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر» (١).
قال : فانجابت السحاب عن المدينة انجياب الثوب.
وفد بنى أسد (٢)
وقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفد بنى أسد ، عشرة رهط ، فيهم وابصة بن معبد وطليحة ابن خويلد ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس فى المسجد مع أصحابه ، فسلموا وتكلموا ، وقال متكلمهم : يا رسول الله ، إنا شهدنا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك عبده ورسوله ، وجئناك يا رسول الله ، ولم تبعث إلينا بعثا ، ونحن لمن وراءنا.
قال محمد بن كعب القرظى : فأنزل الله عزوجل على رسوله : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [١٧ : الحجرات].
وكان مما سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند يومئذ : العيافة والكهانة وضرب الحصى ، فنهاهم عن ذلك كله. فقالوا : يا رسول الله ، إن هذه أمور كنا نفعلها فى الجاهلية ، أرأيت خصلة بقيت؟ قال : «وما هى»؟ قال : الخط ، قال : «علمه نبى من الأنبياء ، فمن صادف مثل علمه علم» (٣).
__________________
(١) انظر الحديث فى : سنن أبو داود (١١٧٣) ، سنن البيهقي الكبرى (٣ / ٣٥٦) ، كنز العمال للمتقى الهندى (١٨٠٢٥) ، موطأ الإمام مالك (١٩١) ، العلل المتناهية لابن الجوزى (٢١٢) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (١٥٠٦).
(٢) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٤ / ٣٥٥) ، طبقات ابن سعد (١ / ٢ / ٣٩) ، البداية والنهاية لابن كثير (٥ / ٧٩).
(٣) ذكره السيوطى فى الدرر المنثور (٦ / ٣٨).