وفد بهراء (١)
وذكر الواقدى عن كريمة بنت المقداد ، قالت : سمعت أمى ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب (٢) تقول : قدم وفد بهراء من اليمن ، وهم ثلاثة عشر رجلا ، فأقبلوا يقودون رواحلهم ، حتى انتهوا إلى باب المقداد ، ونحن فى منزلنا نبنى جديلة ، فخرج إليهم المقداد ، فرحب بهم ، وأنزلهم ، وجاءهم بجفنة من حيس قد كنا هيأناها قبل أن يحلوا لنجلس عليها ، فحملها أبو معبد المقداد ، وكان كريما على الطعام ، فأكلوا منها حتى نهلوا ، وردت إلينا القصعة وفيها أكل ، فجمعنا تلك الأكل فى قصعة صغيرة ، ثم بعثنا بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع سدرة مولاتى ، فوجدته فى بيت أم سلمة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ضباعة أرسلت بهذا»؟ ، قالت سدرة : نعم يا رسول الله ، قال : «ضعى» ، ثم قال : «ما فعل ضيف أبى معبد؟» قلت : عندنا ، فأصاب منها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكلا هو ومن معه فى البيت حتى نهلوا ، وأكلت معهم سدرة ، ثم قال : «اذهبى بما بقى إلى ضيفكم» ، قالت سدرة : فرجعت بما بقى فى القصعة إلى مولاتى ، قالت : فأكل منها الضيف ما أقاموا ، نرددها عليهم وما تغيض ، حتى جعل الضيف يقولون : يا أبا معبد ، إنك لتنهلنا من أحب الطعام إلينا ، وما كنا نقدر على مثل هذا إلا فى الحين ، وقد ذكر لنا أن بلادكم قليلة الطعام ، إنما هو العلق أو نحوه ، ونحن عندك فى الشبع ، فأخبرهم أبو معبد بخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أكل منها أكلا وردها ، فهذه بركة أثر أصابع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجعل القوم يقولون : نشهد أنه رسول الله ، وازدادوا يقينا ، وذلك الذي أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وتعلموا الفرائض ، وأقاموا أياما ، ثم جاءوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فودعوه ، وأمر لهم بجوائزهم ، وانصرفوا إلى أهلهم.
وفد بنى غدرة
وقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفد بنى غدرة فى صفر سنة تسع ، اثنا عشر رجلا ، فيهم حمزة بن النعمان وسليم وسعد ابنا مالك ومالك بن أبى رباح ، فنزلوا فى دار رملة بنت
__________________
(١) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٤ / ٣٥٦) ، طبقات ابن سعد (١ / ٢ / ٦٦).
(٢) انظر ترجمتها فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٣٤٥١) ، الإصابة الترجمة رقم (١١٤٢٩) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٧٠٧٦) ، تهذيب الكمال (١٦٨٧) ، تهذيب التهذيب (١٢ / ٤٣٢) ، خلاصة تذهيب الكمال (٤٩٣) ، تاريخ الإسلام (٢ / ٢٢٩).