ثابت البلوى : فبلغنى قدومهم ، فخرجت حتى جئتهم برأس الثنية فى أيديهم خطم رواحلهم ، فرحبت بهم وقلت : المنزل على ، فعدلت بهم إلى منزلى ، فنزلوا ، ولبسوا من صالح ثيابهم ، ثم خرجت بهم حتى انتهيت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس فى أصحابه فى بقية فيء الغداة ، فسلمت. فقال : «رويفع» ، فقلت : لبيك ، قال : «من هؤلاء القوم»؟ قلت : قومى ، قال : «مرحبا بك وبقومك» ، قلت : يا رسول الله ، قدموا وافدين عليك مقرين بالإسلام ، وهم على من وراءهم من قومهم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من يرد الله به خيرا يهده للإسلام».
قال : وتقدم شيخ الوفد أبو الضبيب فجلس بين يديه ، فقال : يا رسول الله ، إنا قدمنا عليك لنصدقك ونشهد أن ما جئت به حق ، ونخلع ما كنا نعبد ويعبد آباؤنا قبلنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله الذي هداكم للإسلام ، فكل من مات على غير الإسلام فهو فى النار» ، قال : يا رسول الله ، إنى رجل لى رغبة فى الضيافة ، فهل لى فى ذلك من أجر؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نعم ، وكل معروف صنعته إلى غنى أو فقير فهو صدقة» ، قال : يا رسول الله ، ما وقت الضيافة؟ قال : «ثلاثة أيام ، فما كان بعد ذلك فصدقة ، ولا يحل للضيف ان يقيم عندك فيحرجك» ، قال : يا رسول الله ، أرأيت الضالة من الغنم أجدها فى الفلاة من الأرض؟ قال : «لك أو لأخيك أو للذئب» ، قال : فالبعير ، قال : «مالك وله ، دعه حتى يجده صاحبه» (١).
وسأله عن أشياء غير هذه ، فأجابه عنها.
قال رويفع : ثم قاموا ، فرجعوا إلى منزلى ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأتى منزلى يحمل تمرا ، فقال : «استعن بهذا التمر» ، فكانوا يأكلون منه ومن غيره ، فأقاموا ثلاثا ، ثم ودعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأجازهم ، ورجعوا إلى بلادهم.
ضمام بن ثعلبة (٢)
وبعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقدم عليه ، وأناخ
__________________
(١) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٢ / ١٨٦ ، ٢٠٣ ، ٤ / ١١٧) ، السنن الكبرى للبيهقى (١ / ١٨٥ ، ٤ / ١٥٣ ، ٦ / ١٨٩ ، ١٩٠) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٤ / ١٦٨) ، المعجم الكبير للطبرانى (٥ / ٢٨٩) ، فتح البارى لابن حجر (١ / ١٨٦ ، ٥ / ٨٠).
(٢) انظر : السيرة (٤ / ١٩٨ ـ ٢٠٠).