فلم يستجيبوا لهم ، وكتموا إسلامهم حتى مات منهم رجلان على الإسلام ، وأدرك الثالث منهم عمر بن الخطاب عام اليرموك ، فلقى أبا عبيدة فخبره بإسلامه ، فكان يكرمه.
وفد سلامان (١)
وذكر الواقدى أيضا بإسناد له : أن خبيب بن عمرو السلامانى كان يحدث قال : قدمنا وفد سلامان على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونحن سبعة نفر ، فانتهينا إلى باب المسجد ، فصادفنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم خارجا منه إلى جنازة دعى إليها ، فلما رأيناه قلنا يا رسول الله ، السلام عليك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وعليكم السلام ، من أنتم؟» قلنا : نحن من سلامان ، قدمنا عليك لنبايعك على الإسلام ، ونحن على من وراءنا من قومنا. فالتفت إلى ثوبان غلامه ، فقال : «أنزل هؤلاء حيث ينزل الوفد» ، فخرج بنا ثوبان حتى انتهى بنا إلى دار واسعة فيها نخل وفيها وفود من العرب ، وإذا هى دار رملة بنت الحارث النجارية ، فلما سمعنا أذان الظهر خرجنا إلى الصلاة ، فقمنا على باب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى خرج إلى المسجد ، فصلى بالناس وهو يتصفحنا ، ودخل بيته فلم يلبث أن خرج ، فجلس فى المسجد بين المنبر وبين بيته ، وجلست عليه أصحابه ، عن يمينه وعن شماله ، فرأيت رجلا هو أقرب القوم منه ، يكثر ما يلتفت إليه ، ويحدثه. فسألت عنه ، فقيل : أبو بكر بن أبى قحافة ، وجئنا فجلسنا تجاه وجهه ، وجعل الوفد يسألونه عن شرائع الإسلام ، فلم يكد سائلهم يقطع حتى خشيت أن يقوم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : إنا نريد ما تريد ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأسكت السائل ، فقلت : أى رسول الله ، ما أفضل الأعمال؟ قال : «الصلاة فى وقتها» ، ثم ذكر حديثا طويلا.
قال : ثم جاء بلال ، فأقام الصلاة ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فصلى بالناس العصر ، فكانت صلاة العصر أخف فى القيام من الظهر ، ثم دخل بيته ، فلم ينشب أن خرج فجلس فى مجلسه الأول ، وجلس معه أصحابه ، وجئنا فجلسنا ، فلما رآنى قال : «يا أخا سلامان» ، قلت : لبيك ، قال : «كيف البلاد عندكم؟» قلت : أى رسول الله ، مجدبة ، وما لنا خير من البلاد ، فادع الله أن يسقينا فى بلادنا ، فنقر فى أوطاننا ولا نسير إلى بلاد غيرنا ، فإن النجع تفرق الجميع وتشتت الديار. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده : «اللهم اسقهم الغيث فى
__________________
(١) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٣ / ٣٨٠ ـ ٣٨١).