بقيع الغرقد ، وهو يومئذ أثل وطرفاء ، ثم انطلقوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخلفوا فى رحلهم أحدثهم سنا ، فنام عنه ، وأتى سارق فسرق عيبة لأحدهم فيها أثواب له ، وانتهى القوم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلموا عليه وأقروا له بالإسلام ، وكتب لهم كتابا فيه شرائع الإسلام ، وقال لهم : «من خلفتم فى رحالكم؟» قالوا : أحدثنا يا رسول الله ، قال : «فإنه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت فأخذ عيبة أحدكم» ، فقال أحد القوم : يا رسول الله ، ما لأحد من القوم عيبة غيرى. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد أخذت ، وردت إلى موضعها» فخرج القوم سراعا حتى أتوا رحلهم ، فوجدوا صاحبهم ، فسألوه عما خبرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : فزعت من نومى ففقدت العيبة ، فقمت فى طلبها ، فإذا رجل قد كان قاعدا ، فلما رآنى ثار يعدو منى ، فانتهيت إلى حيث انتهى ، فإذا أثر حفر ، وإذا هو قد غيب العيبة ، فاستخرجتها ، فقالوا : نشهد أنه رسول الله ، فإنه قد أخبرنا بأخذها ، وأنها قد ردت ، فرجعوا إلى النبيّ فأخبروه ، وجاء الغلام الذي خلفوه فأسلم.
وأمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أبى بن كعب (١) ، فعلمهم قرآنا ، وأجازهم صلىاللهعليهوسلم كما كان يجيز الوفود ، وانصرفوا.
وفد بنى الحارث بن كعب (٢)
قال ابن إسحاق (٣) : وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد فى شهر ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر إلى بنى الحارث بن كعب بنجران ، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثا ، فإن استجابوا فأقبل منهم ، وإن لم يفعلوا فقاتلهم ، فخرج خالد بن الوليد حتى قدم عليهم ، فبعث الركبان يضربون فى كل وجه ، ويدعون إلى الإسلام ، ويقولون : أيها الناس ، أسلموا تسلموا ، فأسلم الناس ، ودخلوا فيما دعوا إليه ،
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٦) ، الإصابة الترجمة رقم (٣٢) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٤) ، طبقات خليفة (٨٨ ، ٨٩) ، تاريخ خليفة (١٦٧) ، الجرح والتعديل (٢ / ٢٩٠) ، حلية الأولياء (١ / ٢٥٠) ، شذرات الذهب (١ / ٣٢ ، ٣٣) ، تهذيب التهذيب (١ / ١٨٧) ، تهذيب الكمال (٧٠) ، خلاصة تذهيب الكمال (٢٤) ، طبقات القراء (١ / ٣١) ، تذكرة الحفاظ (١ / ١٦) ، العبر (١ / ٢٣) ، الاستبصار (٤٨).
(٢) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٣ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠) ، طبقات ابن سعد (١ / ٢ / ٧٢) ، تاريخ الطبرى (٣ / ١٢٦) ، البداية والنهاية (٥ / ٨٨).
(٣) انظر : السيرة (٤ / ٢١٥ ـ ٢١٧).