فمن أدى ذلك ، فإن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منع ذلك ، فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين جميعا ، صلوات الله على محمد ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته» (١).
وفد بنى حنيفة (٢)
وقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفد بنى حنيفة ، فيهم مسيلمة بن حبيب الحنفى الكذاب.
قال ابن إسحاق (٣) : فحدثنى بعض علمائنا من أهل المدينة : أن بنى حنيفة أتت به رسول الله صلىاللهعليهوسلم تستره بالثياب ، ورسول الله جالس فى أصحابه ، معه عسيب من سعف النخل ، فى رأسه خوصات ؛ فلما انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم يسترونه بالثياب ، كلمه وسأله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو سألتنى هذا العسيب ما أعطيتكه» (٤).
قال : وقد حدثني شيخ من بنى حنيفة من أهل اليمامة أن حديثه كان على غير هذا.
زعم أن وفد بنى حنيفة اتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخلفوا مسيلمة فى رحالهم ، فلما أسلموا ذكروا مكانه ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد خلفنا صاحبا لنا فى رحالنا أو فى ركابنا يحفظها لنا ، قال : فأمر له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمثل ما أمر به للقوم ، وقال : «أما إنه ليس بشركم مكانا» أى لحفظه ضيعة أصحابه ذلك الذي يريد رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٥).
قال : ثم انصرفوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجاءوه بما أعطاه ، فلما انتهوا إلى اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم ، وقال : إنى قد أشركت فى الأمر معه ، وقال لوفده الذين كانوا معه : ألم يقل لكم حين ذكرتمونى له : «أما إنه ليس بشركم مكانا»؟ ما ذاك إلا لما كان يعلم إنى قد أشركت فى الأمر معه ؛ ثم جعل يسجع لهم ، ويقول فيما يقول مضاهاة للقرآن : لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين صفاق وحشى ، وأحل لهم الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله
__________________
(١) انظر الحديث فى : سنن النسائى (٨ / ٤٨٦٨) ، مستدرك الحاكم (١ / ٣٩٧) ، السنن الكبرى للبيهقى (٨ / ٧٣ ، ١٠٠).
(٢) راجع : المنتظم لابن الجوزى (٣ / ٣٨٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٥ / ٤٥) ، تاريخ الطبرى (٣ / ١٣٧).
(٣) انظر : السيرة (٤ / ٢٠١ ـ ٢٠٣).
(٤) انظر الحديث فى : دلائل النبوة للبيهقى (٥ / ٣٥٠) ، صحيح البخاري (٧ / ٤٣٧٣).
(٥) انظر الحديث فى : فتح البارى لابن حجر (٧ / ٦٩١) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (١ / ٣١٧).