ومات أبوه وأمّه وهو صلّى الله عليه وآله صغير السن وكفله جدّه عبد المطلب مدّة قليلة ثم عمّه أبو طالب الى أن بعث وأمره الله تعالى بإظهار أمره وتبليغ رسالاته.
فروي عن العالم عليه السّلام انّه قال : ان الله جلّ وعلا أيتم نبيّه صلّى الله عليه وآله لئلا تكون عليه رئاسة لأحد من الناس.
ثم نشأ فكان من خبره مع عمّه أبي طالب ما قصّ به من حديثه وخدمة زوجته فاطمة بنت أسد له ، وكان من قصّة اليهود وطلبهم إيّاه ومن خبر خروج السيّد صلّى الله عليه وآله وسلّم مع عمّه أبي طالب واجتيازه ببحيرا الراهب في طريق الشام ونزوله من صومعته لما رأى الغمامة قد أظلّت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وما ظهر من الدلالة في تلك الحال حتى أطعمهم الطعام وما كان من خبر تزويجه بخديجة عليهما السّلام وهو ابن نيف وعشرين سنة وما خطب به أبو طالب حيث زوّجه بها ، الى غير ذلك ممّا ظهر من كلام الشجر والمدر والحصى له ودعوتهم إيّاه بالرسالة في حال صغر سنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم وصلاته وصيامه وحجّه على خلاف ما كانت قريش تعمله وانكارهم ذلك ما أتت به الأخبار ورواه الرواة من كافّة الناس.
الوحي
فلما أراد الله جل تعالى جلاله أن يتمّ نوره ويظهر برهانه وأتت له أربعون سنة ـ وقبل ذلك كان نبيّا مستخفيا ـ أمر الله عز وجل جبرئيل عليه السّلام أن يهبط إليه صلّى الله عليه وآله وسلّم بإظهار الرسالة فقال له ميكائيل عليهما السّلام : أين تريد؟.
فقال له : لقد بعث الله جل وعلا نبيّ الرحمة فأمرني أن أهبط إليه بإظهار الرسالة.
فقال له ميكائيل : فأجيء معك؟.
قال له : نعم.
فنزلا فوجدا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نائما بالأبطح ، بين أمير المؤمنين علي وبين جعفر ابني أبي طالب عليهما السّلام فجلس جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه ولم ينبهاه إعظاما له وهيبة فقال ميكائيل له : إلى أيّهم بعثت؟.
فقال : إلى الأوسط.