الهجرة والمبيت
واجتمعت قريش في دار الندوة يأتمرون في قتله ، فاتاهم إبليس في صورة شيخ من مضر فاستقرت آراؤهم بمشورة اللعين أن يخرج كلّ بطن منهم رجلا بأسيافهم فيضربوه ضربة رجل واحد وذلك في السنة التي توفي فيها أبو طالب وتوفيت خديجة عليها السّلام.
فأخبر الله رسوله بذلك وأمره بالخروج عن مكّة الى المدينة وان ينوم أمير المؤمنين عليه السّلام على فراشه ، ففعل.
وكان من قصته في خروجه وحديث الغار وهجرته الى المدينة ما رواه الناس ، فروي ان الله جل وتعالى واخى بين ملائكته المقربين ، فواخى بين جبرئيل وميكائيل ثم أوحى إليهما : ان كتبت على أحدكما نائبة أو محنة عظيمة هل فيكما من يقي أخاه بنفسه؟.
فقالا : نعم يا ربّ.
فأوحى الله إليهما : ان كتبت على أحدكما الموت قبل أخيه ، هل فيكما من يبذل مهجته ويفدي أخاه بنفسه؟.
قالا : لا يا رب.
فأوحى الله إليهم : اهبطا الى الأرض فانظرا.
فهبطا فوجدا أمير المؤمنين عليه السّلام نائما على فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله قد وقاه بنفسه من المشركين. فقالا : بخ! بخ! هذه المواساة بالنفس.
وكان من حديث هجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله الى المدينة ما كان. ودخل مسجد قبا واجتمع إليه جمع من المسلمين ثم ركب راحلته عليه السّلام متوجها الى المدينة فاستقبله الأنصار وقالوا : هلم إلينا يا رسول الله الى العدّة والعدد والنصر والمواساة.
وجعلوا يتعلقون بزمام ناقته فقال عليه السّلام : خلّوا عنها فانّها مأمورة.
حتى انتهت الى اسطوانة الخلوق فأمر باحضار الحجارة ثم نصبها في قبلة المسجد. وروي ان هجرته كانت في شهر ربيع الأول.