خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام
وخطب أمير المؤمنين عليه السّلام خطبة في انتقال سيّدنا رسول الله من آدم الى ان ولد صلّى الله عليه وآله : الحمد لله الذي توحّد بصنع الأشياء وفطر أجناس البرايا على غير مثال سبقه في انشائها ، ولا أعانه معين على ابتداعها بل ابتدعها بلطف قدرته ، فامتثلت لمشيته خاضعة مستحدثة لأمره الواحد الأحد الدائم بغير حد ولا أمد ولا زوال ولا نفاد وكذلك لم يزل ولا يزال لا تغيّره الأزمنة ، ولا تحيط به الأمكنة ، ولا تبلغ مقامه الألسنة ولا تأخذه سنة ولا نوم ، لم تره العيون فتخبر عنه برؤيته ، ولم تهجم عليه العقول فيتوهم كنه صفته ، ولم تدر كيف هو إلّا بما أخبر عن نفسه ، ليس لقضائه مرد ولا لقوله مكذّب ابتدع الأشياء بغير تفكير وخلقها بلا ظهير ولا وزير فطرها بقدرته ، وصيّرها بمشيته ، وصاغ أشباحها ، وبرأ أرواحها ، واستنبط أجناسها ، خلقا مبروءا مذروءا ، في أقطار السموات والأرضين ، لم يأت بشيء على غير ما أراد أن يأتي عليه ليري عباده آيات جلاله وآلائه ، فسبحانه لا إله إلّا هو الواحد القهّار ، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليما.
اللهم فمن جهل فضل محمّد صلّى الله عليه وآله فاني مقر بأنّك ما سطحت أرضا ولا برأت خلقا حتى أحكمت خلقه وأتقنته من نور سبقت به السلالة ، وأنشأت آدم له جرما فأودعته منه قرارا مكينا ومستودعا مأمونا وأعذته من الشيطان وحجبته عن الزيادة والنقصان وجعلت له الشرف الذي به يسامى عبادك ، فأي بشر كان مثل آدم فيما سبقت الأخبار. وعرفتنا كتبك في عطاياك ، أسجدت له ملائكتك وعرّفته ما حجبت عنهم من علمك إذ