رأيت البارحة في منامي كأن جبل أبي قبيس قد انهدّ وتقطّع وسقط حوالي الكعبة واظلمّت الكعبة ومكّة وما حولهما من غبار الجبل حتى لم ير الناس بعضهم بعضا.
قال : فقلت : انا لله وانّا إليه راجعون. ما أخوفني أن يكون ذلك لشيء قد نال أمير المؤمنين عليه السّلام.
قال فورد الخبر بقتله في تلك الليلة التي رأيت فيها هذه الرؤيا.
وروي أن الحسن قام خطيبا بعد دفنه ، فعلا منبر الكوفة وعليه عمامة سوداء مسدولة وطيلسان أسود ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : انّه والله قد قبض في هذه الليلة رجل ، ما سبقه الأولون ، ولا يدركه الآخرون ، ان كان لصاحب راية رسول الله صلّى الله عليه وآله ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، لا ينثني حتى يفتح الله على يديه ، والله ما ترك بيضاء ولا حمراء إلّا سبعمائة درهم من فضل عطائه ، ولقد قبض في الليلة التي نزل فيها القرآن ، وفي الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون ، وفي الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم عليه السّلام.
الحسن السبط عليه السّلام
وقام أبو محمد الحسن بن علي عليه السّلام مقامه صلوات الله عليه.
ولدت سيّدة النساء فاطمة (صلوات الله عليها) بعد مبعث السيد رسول الله صلّى الله عليه وآله بخمس سنين ، فأقامت بمكّة مع النبيّ صلّى الله عليه وآله ثماني سنين ، وبالمدينة عشر سنين وشهورا. وولدت أبا محمّد وسنّها احدى عشر سنة بعد الهجرة بثلاث سنين ، وكانت ولادته مثل ولادة جدّه وأبيه ، وولد طاهرا مطهّرا ، وربّاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وتولّى تعليمه وتلقينه وتأديبه بنفسه. ومضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وله سبع سنين وأشهر ، وأقام مع أمير المؤمنين عليه السّلام ثلاثين سنة ، وكان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في خلال ذلك يشير إليه وينصّ عليه بآي من القرآن والأحاديث. فلما حضرت وفاته دعاه ودعا بأبي عبد الله وبجميع أولاده وثقات شيعته وسلّم إليه الوصيّة التي تسلّمها من رسول الله صلّى الله عليه وآله وأوصى بما أراد واحتاج. وأمره بغسله وتكفينه ودفنه وقال له في رفع اللبن عند ما ذكرناه ففعل عليه السّلام ما أمره به.
وروي أن أبا عبد الله الجدلي كان فيمن حضر الوصيّة بالدفن فسأل أبا محمّد عن رفع