فلا يجمع هذه الخصال كلها التي هي جنود العقل الا نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان ، فاما ساير المؤمنين فلا يخلو احدهم من بعض هذه الجنود للخير حتى اذا استكمل وصفا من جنود الجهل كان في الدرجة العليا مع الأنبياء. تدرك معرفة العقل وجنوده بمجانبة الجهل وجنوده.
بدء الخليقة
وروي ان الله جل وعلا خلق الجن والنسناس وأسكنهم الارض فسفكوا الدماء وغيّروا وبدلوا فأهبط الله إبليس اللعين في جند من الملائكة وكان اسمه عزازيل فأبادوا الجن والنسناس الى اطراف الارض وسكن ابليس ومن معه العمران وكان يحكم بين أهل الارض ويتشبه بالملائكة ، ولم يكن منهم ، ويظهر الطاعة لله عز وجل ويبطن المعصية ، ثم لعنه الله ، وأظهر معصية الله وحكم بخلاف ما أمر الله وغيّر وبدل فلما اراد ـ جل وعلا ـ أن يخلق آدم (صلّى الله عليه) وذلك بعد أن مضى للجن والنسناس سبعة آلاف سنة وبعد ان مضى لابليس (لعنه الله) حين من الدهر كشف عن اطباق السماوات ثم قال للملائكة انظروا الى أهل الارض من خلقي.
فلما رأى الملائكة الفساد في الارض وسفك الدماء عظم ذلك عليهم ، فأوحى الله إليهم (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يكون حجة لي على من في ارضي على خلقي.
فقالت الملائكة (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فقالوا اجعله منا فانا لا نفسد في الأرض ولا نسفك الدماء. فقال : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) اني اريد ان أخلق خلقا بيدي وأجعل من ذريته انبياء مرسلين وعبادا أئمة مهديين أجعلهم خلفاء على خلقي وحججا ينهونهم عن معصيتي وينذرونهم من عذابي ويهدونهم الى طاعتي ويسلكون بهم الى سبيلي وابتر النسناس عن أرضي وأهل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وأسكنهم في الهواء وفي أقطار الأرض وأجعل بين الخلق وبين الجن حجابا فلا يرى نسل خلقي الجن ولا يجالسونهم.
فقالت الملائكة : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).