فمضى كما قال عليه السّلام في آخر اليوم الثالث في ثلاث وثمانين ومائة من الهجرة وكان سنه أربعا وخمسين سنة أقام منها مع أبي عبد الله عليه السّلام عشرين سنة ومنفردا بالإمامة أربعة وثلاثين سنة فأخرجه السندي الى مجلس الشرطة من الجسر ببغداد وكشف وجهه ونادى عليه : من أراد أن ينظر الى موسى بن جعفر قد مات حتف أنفه لا هو مسموم ولا مقتول فليحضر من أراد.
ونظروا إليه ثم حمل واتّبعه الناس حتى دفن في موضع كان ابتاعه لنفسه في مقابر قريش بمدينة السلام.
قال مسافر مولاه : ولما كان في ليلة من الليالي وقد فرشنا لأبي الحسن الرضا عليه السّلام على عادته ، ابطأ عنّا فلم يأت كما كان يأتي ، فاستوحش العيال وذعروا وتداخلهم من ابطائه وحشة ، حتى أصبحنا ، فاذا هو قد جاء وحضر الدار ودخلها من غير اذن ، ودعا أم أحمد فقال لها : هات الذي أودعك ابي عليه السّلام وسمّاه لها.
فصرخت ولطمت وشقّت ثيابها وقالت : مات والله سيدي.
فكفها وقال لها : اكتمي الأمر ولا تظهريه حتى يرد الخبر به على والي المدينة ويعرفه الناس من غيرنا في وقته.
فأخرجت إليه سفطا فيه تلك الوديعة ومالا مبلغه ستة آلاف دينار وسلّمته إليه.
وكتموا الأمر حتى ورد الخبر على والي المدينة فنظرنا فوجدناه قد توفي في تلك الليلة التي لم يحضر فيها أبو الحسن الرضا عليه السّلام بعينها. صلّى الله عليه وعلى آبائه وأبنائه وذرّيتهم الطاهرين وسلّم كثيرا.
علي الرضا عليه السّلام
وقام أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السّلام بأمر الله عز وجل مع أبيه. وروي عن هشام بن حمران قال : قال لي أبو إبراهيم عليه السّلام : قد قدم رجل نخاس من مصر فامض بنا إليه فمضينا. فاستعرض عدّة جوار من رقيق عنده يعجبه منهم شيء. فقال لي : سله عمّا بقي عنده. فسألته فقال : لم يبق إلّا جارية عليلة وتركناه وانصرفنا.