وتعالى بعثه إلى قومه فدعاهم الى الله فكذّبوه وجحدوا نبوته ثم أخذوه فضربوه على قرنه الأيمن فأماته الله مائة عام ثم أحياه فبعثه فجحدوا نبوّته وضربوه على قرنه الأيسر فأماته الله مائة عام ثم أحياه وجعل دلائله في قرنيه فكان موضع الضربتين نورا يتلألأ وكان إذا غضب وصرخ خرج من قرنيه الرعود والبروق والصواعق.
وملّكه الله مشارق الأرض ومغاربها وقتل به الجبّارين وهو الذي أوقع بيبوراسب وكان من قصته ما نبأنا الله به من أمر ياجوج وماجوج والسند وغير ذلك من المشرق والمغرب لا يدع جبّارا إلّا قصمه. وكان زمانه زمان عدل وخصب وبركة.
وروي أن الخضر بن ارفخشد بن سام بن نوح كان على مقدّمته وكان من قصّة الخضر ما جاءت به الرواية الثانية أنّه لما عرج بالنبيّ صلّى الله عليه وآله إلى السماء مر ومعه جبرئيل عليه السّلام في بقعة من الأرض فاشتم منها روايح المسك فسأل جبرئيل عليه السّلام عنها فقال له : كان ملك من الملوك ذا عدل وحسن سيرة وكان له ابن واحد لا ولد له غيره فلما شبّ الولد اعتزل أباه والملك ولزم العبادة ورفض الدنيا فاجتمع أهل المملكة الى الأب فوصفوا حسن سيرته فيهم وعرفوه وانّهم مشفقون من حادثة تحدث عليه فيخرج الملك في عقبه وسألوه أن يزوّج ابنه من بعض بنات الملوك لعلّ الله عز وجل أن يرزقه ولدا ذكرا من ابنه هذا يكون الملك له بعد الملك إذ كانوا آيسين من تقلّد ابنه الزاهد شيئا من أمره.
فاختار الملك بعض بنات الملوك فزوّج ابنه بها ثم احضرها فعرّفها صورة أمر ابنه الزاهد وسألها أن تتألفه وترفق به وتحسن خدمته مقدار أن يرزقه الله تعالى منها الولد. وزيّنها بأحسن الزينة وأمر بإدخالها إليه فدخلت وهو يصلّي فلما فرغ من صلاته التفت إليها فسألها عن شأنها فأخبرته ان أباه زوّجه بها وانّها من بنات الملوك وقالت له : انّك لا تستغني عمّن يخدمك ويؤنسك ويعينك على أمرك ، فرقّ لها ثم قال لها : خير القول أصدقه ، انّي لست من الدنيا وأسبابها في شيء ، فإن أردت المقام معي على هذا أبثك سرّي على أن تكتميه وإلّا فلا.
فأجابته الى المقام معه ووجّه الملك إليها يسألها عن حالها فأخبرته انّها بخير. فأخبر