فأحضر الملك الآخر فسأله فجحد وألحّ عليه فأقام على الجحود فقال المذيع للملك : وجّه معي بجماعة حتى أتاك به فان لم أفعل افعلن بي ما تشاء. ففعل الملك ذلك وحبس الرجل المنكر فرجع المذيع والجماعة فأخبروا أنّهم لم يصادفوا أحدا. فأطلق الملك الرجل المنكر وصلب المذيع.
ثم عمل أهل تلك البلدة بالمعاصي فأمرني الله أن أقلب تلك المدينة على أهلها فرفعتها حتى صارت في الهواء ثم قلبتها فلما صارت على وجه الأرض خرج منها رجل وامرأة وساخت المدينة بأهلها فكان الرجل الذي كتم على الخضر والمرأة التي كتمت عليه فاجتمعا وحدّث كلّ واحد منهما صاحبه بأمره فتزوّجها الرجل وأولدها أولادا واحتاجا إلى خدمة الناس فاتصلت المرأة بابنة الملك فبينما هي ذات يوم تسرّح رأسها سقط المشط من يدها فقالت «تعس من كفر بالله» فأخبرت ابنة الملك أباها بما قالت فدعا المرأة فأقرّت له بقولها ، فأحضر زوجها وأولادها فاستتابهم ودعاهم إلى دينه فأبوا عليه ، فغلى لهم الزيت ثم كان يطرح فيه واحدا بعد واحد وهم مقيمون على أمرهم ، فلما بلغ إليها قال لها قبل أن يطرحها : هل لك من حاجة؟ قالت : نعم تحفر لجماعتنا حفيرة وتأمر بدفننا فيها ففعل.
فرائحة تلك الحفيرة يفوح منها المسك إلى يوم القيامة.
ثم كان من قصّة الخضر مع موسى عليهما السّلام ما هو مبيّن في موضعه. وكان ملك ذي القرنين خمسمائة عام ثم ملك بعده منوشهر مائة وست وعشرين سنة وهو الذي كرى الفرات يعني حفره واتخذ الأساورة والزي والسلاح والضياع والبساتين وكان زمانه زمان صلاح ولين.
فلما حضرت ارفخشد النبيّ المغمور الصامت عليه السّلام الوفاة أوحى الله جل وعز إليه أن يستودع أمر الله ونوره ابنه شالح فدعاه وأوصى إليه بما كان أبوه أوصاه به وسلّم إليه ما في يده.
فقام شالح عليه السّلام بأمر الله عز وجل ومعه المؤمنون وسلك سبيل آبائه وجرى مجراهم