وعلى سنّتهم إلى أن حضرته الوفاة فأمره الله أن يستودع الأسماء والحكمة والنبوّة إلى ابنه هود (صلّى الله عليه) ودعاه إليه وأوصى ومضى عليه السّلام.
وقام هود بن شالح بأمر الله جل وعلا فأظهر الله تبارك وتعالى نبوّته فسلم له العقب من ولد سام وقال الآخرون من ولد حام ويافث وكان هود عليه السّلام أشبه الناس بآدم (صلّى الله عليه) وكان تاجرا.
وروي انّ طوله كان أربعين ذراعا وكانت أعمار أهل زمانه أربعمائة سنة وكانت منازلهم في أحقاف الرمل الذي في طريق مكّة وكانت جبالا وعيونا ومراعي فطحنتها الرياح فصارت رمالا وكانوا قد عذّبوا بالقحط ثلاث سنين فلم يرجعوا عمّا هم عليه وبعثوا وفدا منهم إلى مكّة ليستسقوا قال : فرفعت لهم ثلاث سحائب فاختاروا منها التي فيها العذاب وهي الريح الصرصر فعصفت عليهم سبع ليال وثمانية أيّام حسوما وكان رئيسهم الخلجان فقالوا من أشدّ منّا قوّة نحن ندفع الريح أن تدخل مدينتنا فقاموا متضامين بعضهم إلى بعض فكانت الريح ترمي بهم كأجذاع النخل فصار الخلجان الى هود فقال له : انا نرى الريح اذا أقبلت أقبل معها خلق كمثال الآباء معهم الأعمدة هم الذين يفعلون الأفاعيل بنا.
فقال لهم هود : أولئك الملائكة. فقال له الخلجان : أفترى ربّك ان نحن آمنا بك يديل لنا منهم؟
قال هود : ان أهل الطاعة لا يدال منهم لأهل المعاصي ولكنّي أسأل الله أن يكشف عنكم العذاب.
فقال الخلجان : فكيف لنا بالرجال الذين هلكوا؟
قال هود : يبد لكم الله بهم من هم خير منهم.
فقالوا : لا خيرة لنا في الحياة بعدهم.
فأهلكهم الله بالريح.
فلما انقضت أيام هود بعدهم أمره الله عز وجل بأن يستودع أمر الله ونوره وحكمته