فأمسك عنه سليمان عليه السّلام فلم يزل (أرميا) يسأله الى ان اقامه وأخرجه وأركبه بغلة داود وألبسه عمامته ووضع على رأسه شبيها بالقرن كان إذا وضع على رأس الامام يسمع له صوت كصوت خرير الماء ثم شدّ (أرميا) وسطه بشريط وأخذ بزمام بغلة سليمان عليه السّلام وطاف به مناديا في بني اسرائيل : هذا حجّة الله عليكم.
فانفضّ الناس عن الرجل الذي كانوا نصبوه وعادوا الى سليمان وكان الرجل المنصوب أحد أولاد داود وكان بنوا اسرائيل يميلون إليه لأن أمه كانت منهم ولم تكن أم سليمان منهم.
وروي ان داود عليه السّلام أوّل من صنع بناء بيت المقدس فبنى بعضه وتممه سليمان ونصب فيه المحاريب.
فقام سليمان (صلوات الله عليه) بأمر الله جل ذكره ونوره وحكمته وجميع مواريث الأنبياء.
ثم انّه لما استوى له الأمر قام خطيبا فذكر الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) وسخّر الله له الجنّ والانس والطير والهوام والسباع وكان لا يسمع بملك في ناحية من أقطار الأرض إلّا أتاه يذلّه ويدخله في الاسلام.
وروي ان القحط اشتد في زمانه فشكا الناس إليه ذلك وسألوه أن يستسقي لهم فخرج معهم فلما صار في بعض الطريق إذا هو بنملة رافعة يديها الى السماء واضعة رجليها في الأرض وهي تقول اللهم انّا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم.
فقال سليمان لأصحابه : ارجعوا فقد سقيتم بغيركم.
فسقوا في ذلك العام ما لم يسقوا مثله.
وروي ان الهدهد كان يدلّ أصحاب سليمان عليه السّلام فلم يلبث أن أتى سليمان (فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ).