حضر الوقت مضى شمعون في صورة متطبب فكان لا يعالج أحدا إلّا أبرأه وغلب على الملك.
ثم ان الملك رأى رؤيا فقصّها على شمعون فقال شمعون : لعلّ في حبسك قوما مظلومين ، فأمره بالنظر في أمور جميع الناس. فجلس الملك وجلس معه شمعون وأخذ ينظر في أمورهم حتى انتهى الى الرجلين فسألهما عن قصّتهما فعرّفاه انّهما رسل المسيح وانّهما يبرئان الاكمه والأبرص فقال : احضر رجلا أعمى فأحضر من لم يبصر قط فوضع شمعون يده على عينيه ثم قال لهما أنا أبرئه قبلكما ونحى شمعون يده فأبصر الرجل ثم لم يزل يري الملك وأصحابه آية بعد آية ومعجزة بعد معجزة الى أن أحيى ابنا كان للملك قد مات منذ سبع سنين فآمن الملك وجميع أهل مملكته وبه عظموا أمر المسيح وقالوا فيه ما قالوا.
فلما حضرت شمعون الوفاة أوحى الله إليه أن يستودع نور الله والحكمة وجميع مواريث الأنبياء يحيى بن زكريا ففعل وأوصى وسلّم إليه ومضى.
وقام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر الله جل وتعالى وكان من حديثه أن زكريا عليه السّلام دعا ربه فقال (إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) وأعني بني العمومة (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً).
وحملت به امّه فلما ولد عليه السّلام غذي بانهار الجنة حتى فطم ثم انزل به الى أبويه فكان يضيء البيت لنوره ثم نشأ وبعثه الله عز وجل بالحكمة واتاه زيادة على ما سلم إليه شمعون خمس كلمات وأمره يضربهن مثلا لقومه فقال يحيى بن زكريا لقومه الكلمات وانما هي :
١ ـ مثل الشرك بالله مثل رجل كان له عبد ولم يكن له مال غيره يملكه فاضطرب العبد في الأرض فأصاب مالا كثيرا فانطلق فجعل سعيه وخيره لغيره فذلك مثل الشرك بالله.