قال : وكان نور رسول الله صلّى الله عليه وآله يرى في دايرة غرّة جبين آدم عليه السّلام كالشمس في دوران فلكها وكالبدر في ديجور ليله فكان آدم عليه السّلام كلّما أراد أن يتغشى حوا يتطهّر ويتطيب ويأمرها أن تفعل ذلك ويقول يا حوا تطهّري فلعلّ الله أن يستودع هذا النور المستودع ظهري عن قليل طهارة بطنك.
قال : فلم تزل حوا كذلك حتى بشّرها الله عزّ وجل بشيث أبي الأنبياء ورأس المرسلين ، وفتح لآدم وحوا نهر من الجنّة وبسط الله عليهما الرحمة واجتمعا في ذلك اليوم فحملت بشيث عليه السّلام.
وكان أبا الأنبياء عليهم السّلام فأصبح آدم عليه السّلام وذلك النور مفقود من وجهه ونظر إليه في جبهة حوا فسر بذلك وكانت حوا تزداد في كلّ يوم حسنا وكانت طير الأرض وسباع الآجام إليها يشيرون والى نورها يشتاقون.
وبقي آدم لا يقربها لطهارتها وطهارة ما في بطنها وقابلتها الملائكة كلّ يوم بالتحيات من عند ربّ العالمين وتؤتى كل يوم بماء التسنيم من الجنّة تشربه حتى خلق الله عز وجل لنور محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فلم تزل كذلك حتى وضعت شيئا فنظرت الى نور رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد صار بين عينيه وضرب الله بينهما وبين الملعون إبليس حجابا من النور في غلظ خمسمائة عام فلم يزل إبليس محبوسا في قرار محبسه حتى بلغ شيث سبع سنين وعمود النور بين السماء والأرض ثم لم يزل ذلك النور في الأرض ممدودا حتى أدرك شيث.
فلما أيقن آدم عليه السّلام بالموت أخذ بيد شيث وقال له يا بني ان الله أمرني أن آخذ عليك العهد والميثاق من أجل هذا النور المستودع وجهك ان لا تضعه إلّا في أطهر نساء العالمين واعلم ان ربّي جل وعز أخذ عليّ فيه قبلك عهدا غليظا.
ثم قال آدم عليه السّلام : ربّي وسيدي انّك أمرتني أن آخذ على شيث من بين ولدي جميعا عهدا من أجل هذا النور الذي في وجهه فأسألك أن تبعث إليّ ملائكة يكونون شهودا عليه.
فما استتم عليه السّلام الدعوة حتى نزل جبرئيل عليه السّلام في سبعين ألف ملك معهم حريرة بيضاء