بواسط ما قدمه مسكويه ، فقد ذكر أنه في سنة ٣٤٧ ه / ٩٥٨ م (١) أعطى معز الدولة للجند الأتراك أراضي بمنطقة واسط ليأخذوا عطاءهم من واردها ، فاستأثروا بالوارد وأقاموا هناك وامتلكوا الأراضي عن طريق الإلجاء (٢) وغيره ، واشتغلوا بالتجارة «واستطالوا على العمال ، وحاموا على التجار ومن اعتصم بهم فضعفت أيدي العمال واستعبدوا الناس» ويضيف مسكويه المتوفى سنة ٤٢١ ه / ١٠٣٠ م أن الإقطاع العسكري هذا استمر حتى زمانه وزاد عما كان عليه سابقا (٣).
ويذكر مسكويه أنه في سنة ٣٥٦ ه / ٩٦٦ م أعطى بختيار للأتراك إقطاعات عسكرية في نواح مختلفة من العراق (٤) ، وبما أن منطقة واسط هي
__________________
(١) لقد وردت إشارات إلى وجود الأتراك بواسط قبل هذا التاريخ فقد ذكر الصولي أنه في سنة ٣٢٣ ه عندما قتل الأتراك مرداويج صاحب بلاد الجبل ساروا إلى بغداد فكاتبوا الخليفة الراضي بالله فأذن لهم ودخلوا بغداد ، فكاتبهم ابن رائق وهو بواسط فجاؤوا إليه وجعل رئيسهم بجكم ، وأمره بمكاتبة من في الجبل من الأتراك والديلم فكاتبهم وجاء عدد كبير منهم إلى واسط فخلع عليهم ابن رائق وأغدق الأرزاق عليهم. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٦٢. انظر : مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٣١ ٣٣٢. الهمداني ، تكملة ، ١ / ٩٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٠٣. وفي سنة ٣٢٦ ه أقام بجكم مع عسكره بواسط. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٣٧٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٢٧. وعندما أصبح بجكم أميرا للأمراء سنة ٣٢٨ ه أقام مع جنده بواسط. مسكويه ، تجارب الأمم ، ١ / ٤١٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١١٦. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٦٢ وفي سنة ٣٢٩ ه مضى وجوه الأتراك ببغداد إلى البريديين بواسط. الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٠٠. وفي سنة ٣٣٠ ه مضى ألف من الأتراك البجكمية (نسبة إلى بجكم) إلى البريدي بواسط. المصدر السابق ، ٢٢٢ ، ٢٢٣. وفي سنة ٣٣٢ ه انحدر صافي (غلام توزون) مع جماعة من الأتراك والديلم إلى واسط المصدر السابق ، ٢٤٥. ولكن الراجح أن هؤلاء كانوا يقيمون بواسط فترة من الزمن ثم ينتقلون إلى أماكن أخرى حسب حاجة الدولة والبريديين لهم.
(٢) الإلجاء : هو «أن يلجىء الضعيف ضيعة إلى قوي ليحامي عليها» الخوارزمي مفاتيح العلوم ، ٤١.
(٣) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٧٣ ـ ١٧٥.
(٤) ن. م ، ٢ / ٢٣٧.