يتضح مما تقدم أن المساجد الجامعة ومساجد المحلات بواسط لم تكن مجرد دور عبادة تقام فيها الصلاة وتمارس فيها الشعائر الدينية ، وإنما كانت مؤسسات دينية وثقافية ، فقد تم فيها تدريس العلوم الدينية وعلوم العربية ، وربما درست فيها علوم أخرى كانت لها صلة بهذه العلوم ، وأن نشوء المدارس وانتشارها في هذه المدينة لم يؤد إلى تقلص الدراسة في المساجد ، وإنما سارت الدراسة فيهما جنبا إلى جنب.
ب ـ الكتاتيب :
إن الأخبار التي وصلتنا عن الكتاتيب بواسط غير كاملة ، فلم نجد في المصادر أية إشارة إلى عددها أو أماكنها أو المناهج التي كانت تدرّس فيها ، غير أن هناك إشارات إلى وجود المعلمين الذين علموا الأولاد في هذه المدينة منذ العصر العباسي الأول (١) ، وهذا يدل بلا ريب أن الكتاتيب ظهرت بواسط منذ ذلك العصر. وقد استمرت الكتاتيب تؤدي مهمتها التعليمية إلى جانب المؤسسات التعليمية الأخرى في هذه المدينة (٢). إلا أننا لا نعرف أي مرحلة دراسية تمثل الدراسة في كل مؤسسة من هذه المؤسسات ، فهل أن التعليم في الكتاتيب يمثل المرحلة الأولى من مراحل الدراسة حيث ينتقل الطالب بعد إكماله لهذه المرحلة إلى الدراسة في المساجد؟ وعلى هذا يكون التعليم في المساجد يمثل المرحلة الثانية من مراحل الدراسة؟ أم أن الطالب كان يلتحق بالمساجد بدون أن يتعلم في الكتاتيب؟ وأي مرحلة من مراحل الدراسة تمثل الدراسة في مدارس واسط؟
__________________
(١) بحشل ، تاريخ واسط ، ١٠٤ ، ١١٣ ، ١٣٠ ، ١٣٥ ، ١٤٣ ، ١٧٥ ، ٢٤٢. البستي ، مشاهير علماء الأمصار ، ١٧٧.
(٢) انظر : سؤالات السلفي ، ٨ ، ٦٣ ، ٨١. الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ١ ، ٣٥٤ ، ٣٦٠ ، م ٢ ، ٤٧٠ ، ٤٨٢. ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ١٧١. القفطي ، إنباه الرواة ، ١ / ٣٥٨. ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٤ / ١٥٢. ابن الفوطي ، تلخيص مجمع الآداب ، ج ٥ ، ٦٣ ، ٦٤. الصفدي ، نكت الهميان ، ٢٣٣.