من أجل الحصول على تأييد أصحاب هذا المذهب لكي يستعينوا بهم على تحقيق هدفهم فأدى ذلك إلى انتشار هذا المذهب. وقد ساعدت سياستهم المذهبية هذه إلى نشاط الحركة الإسماعيلية ، فلما جاء السلاجقة إلى الحكم ادركوا خطر ذلك على مستقبل دولتهم فجعلوا سياستهم قائمة على نشر المذهب الشافعي ومقاومة الدعوات المخالفة بوسائل متعددة ، فأسس وزيرهم نظام الملك مدارس خاصة بالفقهاء الشافعية في مدن العراق والمشرق (١) وكان من شروط القبول في هذه المدارس أن يكون الطالب شافعيا أصلا وفرعا (٢) وقد خرّجت هذه المدارس أعدادا كبيرة من الفقهاء من أصحاب المذهب الشافعي (٣) فازدهر هذا المذهب في العراق والمشرق.
وقد سبق أن ذكرنا أنه شيد بواسط عدد من المدارس الخاصة بالفقهاء الشافعية (٤) وسوف نرى من خلال البحث أنه قصد بغداد عدد من الفقهاء الواسطيين لدراسة الفقه الشافعي على فقهاء هذه المدينة.
وكان من أشهر علماء الفقه الشافعي القاضي أبو تغلب محمد بن محمد بن عيسى بن جهور الواسطي (ت ٥٠٣ ه / ١١٠٩ م) الذي ذكرته المصادر بأنه كان «متقدّما في الفقه» (٥) درس الفقه بواسط (٦) ثم قدم بغداد وأقام مدة يدرس الفقه الشافعي على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي «وعلق
__________________
(١) السبكي ، طبقات الشافعية ، ٣ / ١٣٧ وقد رجحنا فيما سبق بناء إحدى هذه المدارس بواسط. انظر : المدارس.
(٢) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٩ / ٦٦.
(٣) يقول أبو إسحاق الشيرازي الذي كان أحد مدرسي المدرسة النظامية ببغداد : «لما خرجت في رسالة الخليفة المقتدي إلى خراسان لم أدخل بلدا ولا قرية إلا وجدت قاضيها أو خطيبها من تلامذتي» الحنبلي ، شذرات الذهب ، ٣ / ٣٥.
(٤) انظر : المدارس.
(٥) سؤالات السلفي ، ٥٣. ابن الدبيثي ، ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ورقة ١١٢.
(٦) سؤالات السلفي ، ٥٣.