والكوفة وبغداد آنذاك ولكن ـ يبدو ـ أن الظروف التي كانت تمرّ بها مدينة واسط في تلك الفترة حالت دون شهرتهم فظلوا من الشعراء المغمورين ، فالخلفاء العباسيون كانوا ينظرون إلى أهل واسط نظرة شك وارتياب باعتبارهم من شيعة بني أمية ، فأدى ذلك إلى عدم استطاعة شعراء هذه المدينة من الذهاب إلى بغداد والاتصال بالخلفاء والوزراء وكبار الموظفين ومدحهم كما فعل شعراء الكوفة (١) والبصرة (٢) ، أو ربما هم الذين لم يحاولوا الاتصال بالسلطة المركزية ببغداد لتعصبهم للأمويين (٣) ، فأغفل رواة الأدب العربي ذكرهم في مؤلفاتهم فلم تصل إلينا أخبارهم ونتاجاتهم الفنية ، لأن مؤرخي الأدب العربي كانوا يهتمون عادة بتدوين شعر الشعراء الذين كانوا على اتصال بالخلفاء والوزراء وكبار الموظفين ببغداد.
أما في فترة دراستنا فقد برز بواسط عدد من الشعراء منهم : أبو طاهر عبد العزيز بن حامد بن الخضر الواسطي المعروف بسيدوك (ت ٣٦٣ ه / ٩٧٣ م) (٤) وأبو عبد الله الجامدي (٥) وأبو الفرج محمد بن الحسين التمار الواسطي (٦) وأبو الحسين علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار الواسطي (ت ٤٠٩ ه / ١٠١٨ م) (٧) وأبو نصر منصور بن محمد بن علي الخباز
__________________
(١) خليف ، حياة الشعر في الكوفة ، ٤٩٢.
(٢) أحمد كمال زكي ، الحياة الأدبية في البصرة ، ١٩٩.
(٣) يظهر أن التشيع للأمويين ظل قائما بواسط حتى القرن الرابع الهجري. انظر : ابن الجوزي ، أخبار الحمقى والمغفلين ، ٢١٨. المقدسي ، أحسن التقاسيم ، ١٢٦.
(٤) انظر في ترجمته : التنوخي ، نشوار المحاضرة ، ٨ / ١٧٥. الثعالبي ، يتيمة الدهر ، ٢ / ٣٧٢. الكتبي ، فوات الوفيات ، ١ / ٥٧٦. الفرج بعد الشدة ، ٢ / ٤٦٠. ويسميه ابن النديم «أبو طاهر سندوك بن حبيبة» ويذكر أنه كان له ديوان شعر بخمسمائة ورقة ، الفهرست ، ١٦٨.
(٥) الثعالبي ، يتيمة الدهر ، ٢ / ٣٧٣.
(٦) انظر في ترجمته : الثعالبي ، يتيمة الدهر ، ٢ / ٣٧١. الباخرزي ، دمية القصر ، ١ / ٣١٧. القفطي ، المحمدون من الشعراء ، ٢٥١.
(٧) سؤالات السلفي ، ٢٣ ـ ٢٥. معجم الأدباء ، ١٤ / ٢٤٦.