برز في هذا اللون من الشعر ، وهو لا يقوم على التفاخر بالأنساب والقبائل وغير ذلك مما نراه في شعر القدماء ، وإنما نجد الشعراء يفخرون بالعلم وإعارة كتبهم للآخرين (١) ، ومساعدتهم (٢) ويرجع السبب في ذلك إلى نشاط الحياة العلمية في هذه المدينة ، ثم إن المجتمع الواسطي في هذه الفترة كان مجتمعا غير قبلي ، فالقبائل العربية التي سكنت واسط منذ إنشائها امتزجت مع أجناس أخرى وذابت الفروق الجنسية «فالشاعر الذي يعيش في بيئة حضرية امتزجت فيها الدماء وذابت الفروق الجنسية غير الشاعر الذي يعيش في بيئة بدوية تهتم بالنسب وتقاليد البداوة وعاداتها» (٣).
أما الرثاء فإن ما وصل إلينا منه كان قليلا ، وقد قيل في رثاء الأقارب (٤) ، ورثاء الأساتذة (٥).
٤ ـ العلوم التاريخية والجغرافية :
أ ـ التاريخ :
أنجبت واسط عددا من كبار المؤرخين في العراق ، صنف أغلبهم كتبا في تاريخ هذه المدينة ، وصنف البعض منهم في تراجم الرجال ، إلا أننا لم نجد ما يشير إلى أن المؤرخين بواسط كانوا قد صنفوا في التواريخ العالمية والعامة التي كان قد صنف فيها المؤرخون ببغداد مثل اليعقوبي (ت ٢٨٤ ه / ٨٩٧ م) والطبري (ت ٣١٠ ه / ٩٢٢ م) ومسكويه (ت ٤٢١ ه / ١٠٣٠ م) وهلال الصابي (ت ٤٤٨ ه / ١٠٥٦ م) وغيرهم. من المرجح أن ذلك يعزى إلى عاملين :
__________________
(١) انظر الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ٢ ، ٤٧١.
(٢) ن. م ، ج ٤ ، م ٢ ، ٤٧٣.
(٣) عبد الكريم توفيق ، الشعر العربي في العراق ، ٣١٤.
(٤) انظر : الباخرزي ، دمية القصر ، ١ / ٣١٧. الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ٢ ، ٣١٨ ، ٣١٩. الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٢ / ٨٣.
(٥) الصفدي ، الوافي بالوفيات ، ٤ / ١٤٢.