كانوا يمارسون التنجيم في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي (١).
ومن العلماء الذين برزوا في هذا العلم بواسط أيضا أبو الحسن علي ابن أحمد بن علي الواسطي المعروف بابن دواس القنا (ت ٦١٢ ه / ١٢١٥ م) الذي كانت «له يد جيدة في معرفة علم النجوم وعمل التقاويم» (٢) ويذكر القفطي أن هذا العالم كان قد قرأ علم الأوائل ، وانفرد بمعرفة علم النجوم وأجاد في ذلك ، واشتهر به ، رحل إلى بغداد وأقام بها وأخذ عنه جماعة من أهلها (٣).
ومن أعظم علماء الفلك بواسط أبو يحيى عماد الدين زكريا بن محمد ابن محمود القزويني (ت ٦٨٢ ه / ١٢٨٣ م) الذي سبق أن تحدثنا عنه مؤرخا وجغرافيّا مؤلف كتاب «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» خصص القسم الأول منه لعلم الفلك والنجوم ، وتكلم فيه عن حقيقة الأفلاك وأشكالها وأوصافها وحركاتها بصورة مجملة ثم تحدث عن القمر والشمس والنجوم وسكان العالم العلوي (أي الملائكة) وعن التوقيتات والتقاويم العربية والسريانية والفارسية وما يرتبط بهما من أعياد ومناسبات (٤).
والكتاب مزود بأشكال وجداول فلكية (٥) وقد أفاد إيدلرideler في بحثه الممتاز الذي كتبه سنة ١٩٠٩ من وصف النجوم لدى القزويني (٦).
ويظهر أن واسط كانت قد اشتهرت بهذا العلم ، فقد أشار صاحب
__________________
(١) عبد الجبار ناجي ، كتاب المذاكرات في علم النجوم ، مجلة المورد ، م ٦ ، عدد ٤ ، السنة ١٩٧٧ ، ص ٩.
(٢) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ٢ ، ورقة ٢١٦. انظر : ابن النجار ، التاريخ المجدد (مخطوطة) ج ١٠ ، م ٤ ، ورقة ١٧١ أ ، ١٧١ ب.
(٣) تاريخ الحكماء ، ٢٤٠.
(٤) عجائب المخلوقات ، ٤٦ ـ ١٣٠ (نشر دار الآفاق الجديدة ، بيروت).
(٥) ن. م ، ٧٣ ، ١١٤. كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٤.
(٦) كراتشكوفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ق ١ ، ٣٦٦.