خرج بجكم من واسط لنجدة جيشه ، إلا أن توزون أعلمه بانتصاره على البريديين وهو في الطريق (١) فعاد بجكم إلى واسط ، إلا أنه لقي حتفه في طريق عودته على يد جماعة من الأكراد بين الطّيّب والمذار في ٢١ رجب سنة ٣٢٩ ه / ٢١ نيسان ٩٤٠ م (٢).
عند مقتل بجكم خرج أبو عبد الله البريدي بجيش من البصرة واتجه إلى واسط واستولى عليها سنة ٣٢٩ ه / ٩٤٠ م ولما بلغ الخليفة المتقي لله نبأ احتلال البريدي لواسط كتب إليه يأمره ألا يصعد إلى بغداد ، وأن يقيم بواسط (٣) ، فردّ البريدي على كتاب الخليفة قائلا : «إنا محتاجون إلى مال للرجال فأنفذ إلينا ما يرضيهم به ونحن نقيم» (٤). ولكن يبدو أن أطماع البريديين لم تقف عند واسط بل إنهم أرادوا الاستيلاء على بغداد أيضا ، فعلى الرغم من أن الخليفة كان قد أرسل إلى البريدي ٠٠٠ ، ١٥٠ دينار لكي ينفقها على جيشه بواسط ، نجد أن البريدي لم يكتف بهذا المبلغ وقال لحامله : «أنا أحتاج إلى خمسمائة ألف دينار ... وعلى كل حال أنا سائر فإن تلقاني المال انصرفت وإلا دخلت الحضرة» (٥).
لم يحرك الخليفة ساكنا تجاه تهديدات البريدي فقال حينذاك : «دعه
__________________
(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧١.
(٢) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٩٦ ، ١٩٧. المسعودي ، مروج الذهب ، ٤ / ٣٥٣. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٩ ، ١٠. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢١ ، ١٢٢. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧١.
(٣) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ١٩٩. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٢. (وقد قدر جيش البريدي الذي احتل واسط بسبعة آلاف مقاتل) العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ٩٩. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٢.
(٤) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣.
(٥) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٣. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٢٢ (إلا أنه يذكر أن مقدار المال الذي أرسله الخليفة ثمانية وخمسين ألف دينار). العيون والحدائق ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٠٠. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٣٧٢.