والجدير بالذكر هنا هو أن جيش واسط لعب دورا كبيرا في تحقيق النصر للسلطان مسعود ، وقد أشار إلى ذلك ابن الأثير بقوله (١) : «وحصرهم السلطان نيفا وخمسين يوما فلم يظفر بهم ، فعاد إلى النهروان عازما على العود إلى همذان ، فوصله طرنطاي صاحب واسط ، ومعه سفن كثيرة فعاد إليها وعبر فيها إلى غربي دجلة وأراد العسكر البغدادي منعه ، فسبقهم إلى العبور ، واختلفت كلمتهم ، فعاد الملك داود إلى بلاده في ذي القعدة وتفرق الأمراء».
أما الملك سلجوقشاه فقد خرج من واسط على رأس عساكره ، وسار لمحاربة الملك داود ، فالتقى الفريقان عند «تستر» واشتبكا في معركة حامية ، انتهت بهزيمة الملك سلجوقشاه (٢).
إن استمرار النزاع بين أبناء البيت السلجوقي على السلطة أدى إلى استمرار مشاركة واسط في الأحداث السياسية التي وقعت في العراق في هذه الفترة ، ففي سنة ٥٣٥ ه / ١١٤٠ م سار الأمير جهار دانكي والبقش كون خر من بغداد (٣) قاصدين الحلة ، فلما منعا منها قصدا واسطا ، فلما علم طرنطاي المحمودي صاحب واسط خرج على رأس قواته لملاقاتهما ، فدارت معركة بين الفريقين خارج واسط ، هزم فيها طرنطاي ، فدخل السلاجقة واسط ونهبوها (٤).
سار طرنطاي إلى حماد بن أبي الجبر أمير البطيحة واتفقا على حرب السلاجقة ثم انضم إليهما عسكر البصرة ، كما التجأت بعض عساكر جهار
__________________
(١) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٤١. انظر : العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ١ ، ج ٢١ ، ورقة ٨١.
(٢) ن. م ، ١١ / ٤٦. تستر : إحدى مدن الأحواز. معجم البلدان ، ٢ / ٢٩.
(٣) عن أسباب مسيرهما إلى بغداد انظر : ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٧٨.
(٤) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٧٨.