توسل به العبد : الإيمان ، والجهاد في سبيله ، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة ، وإقام الصلاة إنها الملة ، وإيتاء الزكاة فإنها من فريضته ، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذابه ، وحج البيت فإنه منفاة للفقر مدحضة للذنب ، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال منسأة في الأجل محبة في الأهل ، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة وتطفئ غضب الرب ، وصنع المعروف فإنه يدفع ميتة السوء ويقي مصارع الهول. أفيضوا في ذكر الله فإنه أحسن الذكر ، وارغبوا فيما وعد المتقون فإن وعد الله أصدق الوعد ، واقتدوا بهدي نبيكم صلىاللهعليهوسلم فإنه أفضل الهدي ، واستنوا بسنته فإنها أفضل السنن ، تعلموا كتاب الله فإنه أفضل الحديث ، وتفقهوا في الدين فإنه ربيع القلوب ، واستشفوا بنوره فإنه شفاء لما في الصدور ، وأحسنوا تلاوته فإنه أحسن القصص ، وإذا قرئ عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ، وإذا هديتم لعلمه فاعملوا بما علمتم به لعلكم تهتدون ، فإن العالم العامل بغير عمله كالجاهل الجائر الذي لا يستقيم عن جهله ، بل قد رأيت أن الحجة أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه عن هذا الجاهل المتحير في جهله ، وكلاهما مضلل مثبور (١).
لا ترتابوا فتشكوا ، ولا تشكوا فتكفروا ، ولا ترخصوا لأنفسكم فتذهلوا (٢) ، ولا تذهلوا في الحق فتخسروا ، ألا وإن من الحزم أن تثقوا ، ومن الثقة ألا تغتروا ، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه ، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه ، ومن يطع الله يأمن ويستبشر ، ومن يعص الله يخف ويندم ، ثم سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية ، وخير ما دام في القلب اليقين ، إن عوازم الأمور أفضلها ، وإن محدثاتها شرارها ، وكل محدث بدعة ، وكل محدث مبتدع ، ومن ابتدع فقد ضيع ، وما أحدث محدث بدعة إلا ترك بها سنة ، المغبون من غبن دينه والمغبون من خسر نفسه ، وإن الرياء من الشرك ، وإن الإخلاص من العمل والإيمان ، ومجالس اللهو تنسي القرآن ، ويحضرها الشيطان ، وتدعو إلى كل غي ، ومجالسة النساء تزيغ القلوب وتطمح إليه الأبصار وهي مصائد الشيطان ، فاصدقوا الله ؛ فإن الله مع من صدق ، وجانبوا
__________________
(١) مثبور : هالك.
(٢) أي ولا تأخذوا بالرخص فتغفلوا عن الحق والواجب فتقعوا في المحظور فإن الرخصة تكون بقدر الضرورة.