مسلما أو مسلمة ، ورجع مصعب إلى منزل أسعد بن زرارة ، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام ، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون ، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف ، وتلك أوس الله ، وذلك أنه كان فيهم أبو قيس ابن صيفي بن الأسلت ، وكان شاعرا لهم قائدا يسمعون منه ويطيعون ، فوقف بهم عن الإسلام حتى هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومضى بدر وأحد والخندق ، ثم أسلموا كلهم.
وفي التأريخ الأوسط للبخاري أن أهل مكة سمعوا هاتفا يهتف قبل إسلام سعد بن معاذ :
فإن يسلم السّعدان يصبح محمد |
|
بمكّة لا يخشى خلاف المخالف |
فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا |
|
ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف |
أجيبا إلى داعي الهدي وتمنّيا |
|
على الله في الفردوس منية عارف |
في أبيات أخرى.
وذكر لها رزين سببا آخر كما سيأتي ، وهذا أصح ، ولم يذكر ابن إسحاق في الخبر المتقدم إسلام عمرو بن الجموح ، بل ذكره بعد ذكر العقبة الآتية كما سنذكره ، نعم ابنه معاذ شهد العقبة.
الفصل الثامن
في العقبة الكبرى
وبعضهم يسميها العقبة الثانية ، ومقتضى ما قدمناه أن تسمى الثالثة.
قال ابن إسحاق : ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين للقائهم النبي صلىاللهعليهوسلم ومبايعته في الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك ، حتى قدموا مكة ، فواعدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم العقبة من أوسط أيام التشريق ، حين أراد الله بهم ما أراد : من كرامته ، والنصر لنبيه ، وإعزاز الإسلام وأهله ، وإذلال الشرك وأهله.
وروى ابن إسحاق وصححه ابن حبان من طريقه عن كعب بن مالك قال : خرجنا حجاجا مع مشركي قومنا ، وقد صلينا وفقهنا (١) ، ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا ، فذكر شأن صلاته إلى الكعبة ، قال : فلما وصلنا إلى مكة ولم نكن رأينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل ذلك ، فسألنا عنه ، فقيل : هو مع العباس في المسجد ، فدخلنا فجلسنا إليه ، فسأله البراء عن القبلة ، ثم خرجنا إلى الحج وواعدناه العقبة ، فلما كانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم لها. وكنا نكتم من معنا من المشركين أمرنا ومعنا عبد الله بن عمرو والد
__________________
(١) فقه الأمر : أحسن إدراكه وفهمه.