فأتوا بقنو من أم جرذان فيه رطب منصف وفيه زهو (١) ، فقال صلىاللهعليهوسلم : ما هذا؟ قال : عذق أم جرذان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اللهم بارك في أم جرذان ، وقد أخرجه أبو سعيد في شرف المصطفى من طريق الحاكم ، وقال قوم بمنزله صلىاللهعليهوسلم على سعد بن خيثمة. وقد رواه يحيى أيضا ، قال رزين : والأول أصح اه.
اختلاف العلماء في تاريخ مقدمة المدينة
وقال الحاكم : إنه الأرجح ، قال : وقد قاله ابن شهاب وهو أعرف بذلك من غيره ، وقال بعضهم : كان سعد عزبا ، فكان صلىاللهعليهوسلم يجلس مع أصحابه في بيته ، فلذلك قيل : إنه نزل عنده ، ويشهد له ما نقله ابن الجوزي عن ابن حبيب الهاشمي قال : نزل النبي صلىاللهعليهوسلم على كلثوم ، وكان يتحدث في منزل سعد بن خيثمة ، ويسمى «منزل العزاب» وفي الصحيح : فتلقوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بظهر الحرة ، فعدل بهم (٢) ذات اليمين حتى ينزل بهم في بني عمرو بن عوف ، وفي رواية له : علو المدينة وقباء معدودة من العالية ، وكأن حكمته التفاؤل له ولدينه بالعلو ، وذلك يوم الإثنين نهارا عند الأكثر ، قال الحافظ ابن حجر : وهو المعتمد ، وشذ من قال يوم الجمعة. قلت : لعل مراد هذا القائل القدوم الآتي للمدينة نفسها بعد الخروج من قباء ، وقيل : ليلة الإثنين ؛ لقوله في مسلم «ليلا» قال الحافظ ابن حجر : ويجمع بأن القدوم كان آخر الليل ، فدخل نهارا. قلت : وفيه نظر ، وكان ذلك أول ربيع الأول على ما رواه موسى بن عقبة عن ابن شهاب ، وقيل : لثمان خلون منه. وفي الإكليل عن الحاكم : تواترت الأخبار بذلك ، وفي رواية جرير بن حازم عن ابن إسحاق : قدمها لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول ، ونحوه عن أبي معشر ، ولكن قال : ليلة الإثنين ، ومثله عن ابن البرقي ، وثبت كذلك في أواخر صحيح مسلم ، وفي رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق : لاثنتي عشرة ليلة خلت منه حين اشتد الضحى ، وهذا ما جزم به الكلبي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر. وحكاه ابن الجوزي في شرف المصطفى عن الزهري فقال : قال الزهري : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، وبه جزم النووي في السّير من الروضة ، وكذا ابن النجار ، ونقل المراغي هذا عن النووي وابن النجار فقط ، وتعجب من عدم موافقته لشيء من الأقوال ، وكأنه فهم أن مرادهما المدينة نفسها بعد الخروج من قباء ، وليس ذلك مرادهما ؛ فإن ابن النجار عبر بقوله : فعدل بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف ، وذلك يوم الإثنين لاثني عشر من شهر ربيع الأول ، وأما النووي وإن عبر بالمدينة فليس مراده
__________________
(١) نصف البسر والثمر : رطّب نصفه : زها البسر : تلوّن بحمرة أو صفرة.
(٢) عدل بهم : عطف بهم.