لسعد بن خيثمة ورفاعة ومبشر ابني عبد المنذر : أجيروه ، قالوا : أنت يا رسول الله فأجره فجوارنا في جوارك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يجيره بعضكم ، فقال سعد بن خيثمة : هو في جواري ، ثم ذهب سعد بن خيثمة إلى أسعد بن زرارة في بيته فجاء بن مخاصرة يده في يده ظهرا حتى انتهى به إلى بني عمرو بن عوف ، ثم قالت الأوس : يا رسول الله كلنا له جار ، فكان أسعد بن زرارة بعد يغدو ويروح إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم انتهى.
وكان لكلثوم بن الهدم بقباء مربد ، والمربد : الموضع الذي يبسط فيه التمر لييبس ، فأخذه منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأسسه وبناه مسجدا كما رواه ابن زبالة وغيره.
وفي الصحيح عن عروة : فلبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى ، وفي رواية عبد الرزاق عنه قال : الذين بنى فيهم المسجد الذي أسس على التقوى هم بنو عمرو بن عوف ، وكذا في حديث ابن عباس عند ابن عائد ، ولفظه : ومكث في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال ، واتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ، ثم بناه بنو عمرو بن عوف ؛ فهو الذي أسس على التقوى.
وروى يونس بن بكير في زيادات المغازي عن المسعودي عن الحكم بن عتيبة قال : لما قدم النبي صلىاللهعليهوسلم فنزل بقباء قال عمار بن ياسر : ما لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بد من أن يجعل له مكانا يستظل به إذا استيقظ ويصلي فيه ، فجمع حجارة فبنى مسجد قباء ، فهو أول مسجد بني ، يعني لعامة المسلمين أو للنبي صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، وهو في التحقيق أول مسجد صلّى فيه بأصحابه جماعة ظاهرا ، وإن كان قد تقدم بناء غيره من المساجد ، فقد روى ابن أبي شبة عن جابر قال : لقد لبثنا بالمدينة قبل أن يقدم علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم سنتين نعمر المساجد ونقيم الصلاة ، ولذا قيل : كان المتقدمون في الهجرة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم والأنصار بقباء قد بنوا مسجدا يصلون فيه ، يعني هذا المسجد ، فلما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وورد قباء صلى بهم فيه إلى بيت المقدس ، ولم يحدث فيه شيئا : أي : في مبدأ الأمر ؛ لأن ابن شبة روى ذلك ، ثم روى أنه صلىاللهعليهوسلم بنى مسجد قباء وقدم القبلة إلى موضعها اليوم ، وقال : جبريل يؤم بي البيت ، وقد اختلف في المراد بقوله تعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) فالجمهور على أن المراد به : مسجد قباء ، ولا ينافيه قوله صلىاللهعليهوسلم لمسجد المدينة «هو مسجدكم هذا» إذ كل منهما أسس على التقوى على ما سيأتي إيضاحه.
وفي الكبير للطبراني ـ وفيه ضعيف ـ عن جابر بن سمرة قال : لما سأل أهل قباء النبي صلىاللهعليهوسلم أن يا بني لهم مسجدا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليقم بعضكم فيركب الناقة» فقام أبو بكر رضياللهعنه فركبها فحركها فلم تنبعث ، فرجع فقعد ، فقام عمر رضياللهعنه فركبها