ويرفع الخلاف إلا أن فيه بعض مخالفة لما تقدم ، فقال : سهل بن عمرو الأنصاري النجاري أخو سهيل صاحب المربد ، وكانا في حجر أسعد بن زرارة ، ينسبان إلى جدهما ، وهما ابنا رافع بن عمرو بن أبي عمرو بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن النجار ، انتهى. فعلى هذا يكون سقط من الرواية المتقدمة ابن عمرو بين رافع وأبي عمرو ، وتصحف عبيد بعائذ ، والله أعلم.
وقال المجد : ذكر البيهقي المسجد فقال : كان جدارا مجدرا ليس عليه سقف ، وقبلته إلى القدس ، وكان أسعد بن زرارة بناه ، وكان يصلي بأصحابه فيه ، ويجمّع بهم فيه الجمعة قبل مقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالنخل التي في الحديقة وبالغرقد أن يقطع ، وكان فيه قبور جاهلية ، فامر بها فنبشت ، وأمر بالعظام أن تغيّب ، وكان في المربد ماء مسحل فسيره حتى ذهب ـ والمسحل : ممشى ماء المطر ، انتهى. ولم أره في المعرفة للبيهقي ، ولا في السنن الكبير ، ولا في الدلائل ، والمعروف أنه كان مربدا للتمر : أي يجفّف فيه التمر ، وكأنه سماه حديقة لاشتماله على نخل ؛ ففي الصحيحين أن النبي صلىاللهعليهوسلم «لما أخذه كان فيه نخل وقبور المشركين وخرب ، فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالنخل فقطع ، وبقبور المشركين فنبشت ، وبالخرب فسويت ، فصفوا النخل قبلة له ، وجعلوا عضادتيه حجارة» وقد قدمنا الكلام على قطع هذا النخل في أحكام الحرم ، وكأن معنى صف النخل قبلة له جعلها سواري في جهة القبلة ليسقف عليها كما في الصحيح «كان المسجد على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم مبنيا باللبن ، وسقفه الجريد ، وعمده خشب النخل» وسيأتي فيما أسند يحيى أنه كان في جوف الأرض ـ أي أرض المربد ـ قبور جاهلية ، فامر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالقبور فنبشت ، فرمى بعظامها ، فأمر بها فغيبت ، وكان في المربد ماء مستنجل (١) فسيره حتى ذهب» ووقع في رواية عطاف بن خالد عند ابن عائذ أنه صلىاللهعليهوسلم «صلى فيه وهو عريش اثني عشر يوما ، ثم بناه وسقفه» وسيأتي ما يشهد له.
وأسند ابن زبالة عن أنس قال : بناه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ يعني المسجد ـ أول ما بناه بالجريد ، قال : وإنما بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين.
قلت : وهو واه أو مؤول ، والمعروف خلافه.
وأسند أيضا عن شهر بن حوشب قال : لما أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يحجر بناء المسجد قيل له : عريش كعريش أخيك موسى سبع أذرع ، وأسنده يحيى من غير طريقه عن شهر أيضا بلفظ : لما أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يا بني المسجد ، وأورده رزين بلفظ : لما أراد
__________________
(١) استنجل الماء : صفّى ماء النّزّ من أرضه.