إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أمن يبتاع مربد بني فلان غفر الله له ، فابتعته بعشرين ألفا أو خمسة وعشرين ألفا ، فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فقلت : قد ابتعته ، فقال : اجعله في مسجدنا وأجره لك ، قالوا : اللهم نعم.
وأخرج خيثمة بن سليمان في فضائل عثمان عن قتادة قال : كانت بقعة إلى جنب المسجد فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : من يشتريها ويوسعها في المسجد له مثلها في الجنة ، فاشتراها عثمان ، فوسعها في المسجد.
وأسند ابن زبالة عن خالد بن معدان قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم على عبد الله بن رواحة وأبي الدرداء ومعهما قصبة يذرعان بها المسجد ، فقال : ما تصنعان؟ فقالا : أردنا أن نبني مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم على بنيان الشام ، فيقسم ذلك على الأنصار ، فقال : هاتياها ، فأخذ القصبة منهما ، ثم مشى بها حتى أتى الباب ، فدحا بها (١) ، وقال : كلا ، ثمام وخشيبات وظلة كظلة موسى ، والأمر أقرب من ذلك ، قيل : وما ظلة موسى؟ قال : إذا قام أصاب رأسه السقف.
وروى البيهقي في الدلائل من طريق يعلى بن شداد عن عبادة أن الأنصار جمعوا مالا فأتوا به النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا رسول الله ابن بهذا المسجد وزينه ، إلى متى نصلي تحت هذا الجريد؟ فقال : ما بي رغبة عن أخي موسى ، عريش كعريش موسى.
وروى البيهقي أيضا عن الحسن في بيان عريش موسى قال : إذا رفع يده بلغ العريش ، يعني السقف.
وعن ابن شهاب : كانت سواري المسجد في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم جذوعا من جذوع النخل ، وكان سقفه جريدا وخوصا ليس على السقف كثير طين ، إذا كان المطر امتلأ المسجد طينا ، إنما هو كهيئة العريش.
وفي الصحيح في ليلة القدر : وإني أريت أني أسجد في ماء وطين ، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فليرجع ، فرجعنا وما نرى في السماء قزعة (٢) فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد ، وكان من جريد النخل ، وأقيمت الصلاة ، فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسجد في الماء والطين ، حتى رأيت أثر الطين في جبهته.
الفصل الثاني
في ذرعه وحدوده التي يتميز بها عن سائر المسجد اليوم
اعلم أن الذراع حيث أطلق فالمراد به ذراع الآدمي ، وقد قدمنا في تحديد الحرم
__________________
(١) دحا بها : دفعها ورماها.
(٢) القزع : قطع السحاب المتفرقة في السماء.