الفصل الثالث
في الحث على حفظ أهلها ، وإكرامهم ، والتحريض على الموت بها واتخاذ الأصل.
الوصية بحفظ أهلها
روينا في كتاب ابن النجار عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «المدينة مهاجري ، فيها مضجعي ، ومنها مبعثي ، حقيق على أمتي حفظ جيراني ما اجتنبوا الكبائر ، من حفظهم كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة ، ومن لم يحفظهم سقي من طينة الخبال» قيل للمزني : ما طينة الخبال؟ قال : عصارة أهل النار. قلت : قال بعضهم : المراد بالمزني معقل بن يسار ، وتفسير طينة الخبال بذلك رفعه مسلم ، والحديث في الكبير للطبراني بسند فيه متروك ، ولفظه «المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض ، حق على أمتي أن يكرموا جيراني ما اجتنبوا الكبائر ، فمن لم يفعل ذلك سقاه الله من طينة الخبال» قلنا : يا أبا يسار ، وما طينة الخبال؟ قال : عصارة أهل النار.
وروى القاضي أبو الحسن علي الهاشمي في فوائده عن خارجة بن زيد عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «المدينة مهاجري وفيها مضجعي ، ومنها مخرجي ، حق على أمتي حفظ جيراني فيها ، من حفظ وصيتي كنت له شهيدا يوم القيامة ، ومن ضيّعها أورده الله حوض الخبال ، قيل : وما حوض الخبال يا رسول الله؟ قال : حوض من صديد أهل النار».
وروى ابن زبالة عن عطاء بن يسار وغيره حديث : «إن الله جعل المدينة مهاجري ، وبها مضجعي ، ومنها مبعثي ، فحق على أمتي حفظ جيراني ما اجتنبوا الكبائر ، فمن حفظ فيهم حرمتي كنت له شفيعا يوم القيامة ، ومن ضيع فيهم حرمتي أورده الله حوض الخبال». وفي رواية له : «المدينة مهاجري ، وبها وفاتي ، ومنها محشري ، وحقيق على أمتي أن يحافظوا جيراني ما اجتنبوا الكبيرة ، من حفظ فيهم حرمتي كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة».
وفي مدارك عياض قال محمد بن مسلمة : سمعت مالكا يقول : دخلت على المهدي فقال : أوصني ، فقلت : أوصيك بتقوى الله وحده ، والعطف على أهل بلد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجيرانه ؛ فإنه بلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «المدينة مهاجري ، ومنها مبعثي ، وبها قبري ، وأهلها جيراني ، وحقيق على أمتي حفظ جيراني ؛ فمن حفظهم فيّ كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ، ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال».
وروى مالك في الموطأ أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان جالسا وقبر يحفر بالمدينة ، فاطّلع رجل في القبر فقال : بئس مضجع المؤمن! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بئس ما قلت» قال الرجل : إني